الخطبة الاولی للجمعة 31 خرداد 1398ش، الموافق 17 شوال 1440ق، الموافق 21 حزیران 2019م.
بسم الله الرحمن الرحیم.
أوصیکم و نفسی بتقوی الله.
الیوم سوف أتکلم فی الخطبة الاولی حول عمّ النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم حمزة بن عبد المطلب، الذی مرت بنا ذکری شهادته علیه السلام قبل یومین. فهو علیه السلام استشهد فی الیوم الخامس عشر من شوال السنة الثالثة من هجرة نبینا صلی الله علیه و آله و سلم. هو عمّ النبي محمد (ص)، ومن شهداء غزوة أحد، والملقّب بأسد الله، وأسد رسوله، وسيد الشهداء. کان من کبار قريش ويعتبر أحد أکبر مساندي الدعوة النبوية - قبل و بعد إسلامه - وکان من أقوى حماة رسول الله (ص) مقابل الإيذاءات والممارسات العدوانية التي کان (ص) کثيراً ما يتعرّض لها من قبل مشرکي قريش.
هو من الشخصیات العظیمة فی الاسلام، و قد استشهد حفظا النبی صلی الله علیه و آله و سلم و الاسلام. إنّ للشخصیات مثل حمزة علیه السلام حقّ عظیم علی جمیع المؤمنین علی مدی التأریخ. لأنه لو لم یکن جهاد هؤلاء العظام، لعل شجیرة الاسلام لم تکن تستطیع ان تنمو کما استطاعت. و لو لا جهادهم، لما کانت العبودیة باقیة علی وجه الأرض. هو قد دافع عن النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم تمام حیاته. هو کان صاحب لواء الاسلام مثل أمیر المؤمنین علیه السلام. هو من المؤمنین الصادقین الثابتین فی سبیل الله الذین قد ثبتوا فی أصعب الظروف، و لم یخذلوا النبی الاکرم صلی الله علیه و آله وسلم. هو من الذین جعلوا نفسهم درعا للنبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم فی الظروف التی قد ترک کثیر من الصحابة الکبار النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم و فرّوا حفظا لحیاتهم. و هو علیه السلام قد استشهد حافظا النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم. و جاء فی روایة: کان حمزة يقاتل بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بسيفين و هو يقول: أنا أسد اللّه، فبينا هو کذلک إذ عثر عثرة وقع منها على ظهره، فانکشفت الدرع عن بطنه، فطعنه وحشي الحبشي بحربته. (الحلبی الشافعی، ابو الفرج، السیرة الحلبیة، 2/308).
استشهد حمزة علیه السلام بأفجع وجه یمکن، کما نقل فی التأریخ. فجاء فی بعض الروایات: أن هند بنت عتبة بن ربيعة جاءت في الأحزاب يوم أحد و کانت قد نذرت لئن قدرت على حمزة بن عبد المطلب لتأکلن من کبده. فلما کان حيث أصيب حمزة. و مثلوا بالقتلى و جاؤوا بحزة من کبد حمزة فأخذتها تمضغها لتأکلها فلم تستطع أن تبتلعها. (الکاتب الواقدی، محمد بن سعد، الطبقات الکبری، 3/8)
و لقّبه النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم بسید الشهداء. و هو أول من لُقّب بهذا اللقب، و الفرد الثانی الذی قد لقّب بهذا الاسم، هو مولانا الامام الحسین علیه السلام. فهما سیدا شهداء العالم من الاول الی الآخر. و ایضا لقب بلقب آخر، و کما یظهر من الروایات أن هذا اللقب نزل به جبرائیل علیه السلام علی النبی صلی الله علیه و آله و سلم، و هو أن النبی صلی الله علیه و آله و سلم قال فیه: أسد الله و أسد الرسول. و نفس کلمة «حمزة» معناها الأسد الشجاع، الذی لا یخاف من القتال و المبارزة. و من أحدی حجج أهل البیت علیهم السلام طیلة التاریخ، شخصیة حمزة علیه السلام، فکانوا یحتجون بأن حمزة سید الشهداء علیه السلام منهم. و کانوا یفتخرون به، و کانوا یباحون به، و ما اعظم منزلة الشخص الذی یفتخر به أهل البیت علیهم السلام.
هناک آیات و روایات عدیدة فی شأن حمزة علیه السلام. أقرء لکم آیة واحدة، قال الله سبحانه و تعالی: مِنَ الْمُؤْمِنينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْديلا. (الأحزاب، 23)
ورد فی الروایات أن أحد أکمل و أتم مصادیق هذه الآیة الکریمة حمزة علیه السلام. فجاء فی روایة عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «کُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَا، وَ عَمِّي حَمْزَةُ، وَ أَخِي جَعْفَرٌ، وَ ابْنُ عَمِّي عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ عَلَى أَمْرٍ وَفَيْنَا بِهِ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، فَتَقَدَّمَنِي أَصْحَابِي وَ خُلِّفْتُ بَعْدَهُمْ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِينَا: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ» حَمْزَةُ، وَ جَعْفَرٌ، وَ عُبَيْدَةُ «وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» فَأَنَا الْمُنْتَظِرُ، وَ مَا بَدَّلْتُ تَبْدِيلا. (البحرانی، هاشم بن سلیمان، البرهان في تفسير القرآن، 4/429)
فعلی قول الامام ابی جعفر الباقر علیه السلام، نزلت هذه الآیة الکریمة فی هؤلاء المجاهدین الثلاثة، الذین صدقوا ما عاهدوا الله علیه. ما هو الذی سبّب ان لا یتزلزل حمزة و أمثاله فی أصعب الظروف؟ هذه نکتة مهمة، و فیها عبرة لی و لأمثالی. ماذا افعل حتی أصل الی تلک الدرجة من الثبات، کی اقدر علی ان احفظ ایمانی فی الظروف الصعبة، کسید الشهداء حمزة، و بالتالی لا یصدر منی الا عمل المؤمنین. قد اجابت الآیة عن هذا السؤال حینما قالت: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ...
فالمؤمن الحقیقی هو الذی اولا: یعاهد الله علی الایمان و العمل الصالح الذی هو من لوازم الایمان، و ثانیا، یصدق ما عاهد الله علیه. فالمؤمن اذا آمن، فکأنه یعاهد الله علی أنه سوف یعمل بلوازم ایمانه، و یفی بما عاهد الله علیه. فالوفاء و صدق العهد من صفات المؤمنین. کأن المؤمن یقول لله سبحانه و تعالی: أنا سوف اعمل بلوازم ایمانی هذا، حتی فی أصعب الظروف. قد ذکر الله سبحانه و تعالی فی بعض الآیات من نفس السورة التی نزلت فیها هذه الآیة، أحد أهم مصادیق الایمان، فقال: وَ لَقَدْ کانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَ کانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلاً. (الأحزاب، 15)
فمن شروط و مصادیق عهد الله، ان لا یولی المؤمنون الأدبار فی الموارد و الظروف الصعبة، و ان لا تجعلهم الصعوبات یندمون علی ایمانهم، کأنهم یحبون الایمان فی ظروف وفور النعمة فقط، اذا لم تکن فی الایمان ایّ صعوبة. کلا! أهل الایمان لیسوا کذلک، و انما یثبتون و یحفظون ایمانهم، و یعملون بلوازمه، و یفون بما عاهدوا الله علیه حتی فی أصعب الظروف. و هذا هو الدرس الذی یدرس سید الشهداء حمزة علیه السلام جمیع أهل الایمان. هذه طائفة من مدعی الایمان، الذین صدّقهم الله فی ایمانهم، و مدحهم.
هناک طائفة أخری من المؤمنین أو بتعبیر أصح من مدعی الایمان الذین هم ضعیفوا الایمان، أولئک هم الذین لا یعملون بلوازم ایمانهم فی الظروف الصعبة، و یرفعون الید عن ایمانهم، و بالتالی تصدر منهم اعمال علی خلاف ما یؤمنون. و مثال هذه الطائفة ایضا یوجد فی غزوة أحد. جاء فی الروایات أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم وضع عبد اللَّه بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب و أشفق أن يأتيهم کمينهم من ذلک المکان فقال صلّى اللَّه عليه و آله و سلم لعبد اللَّه بن جبير و أصحابه ان رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مکة فلا تبرحوا من هذا المکان و ان رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا و الزموا مراکزکم و وضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مائتي فارس کميناً و قال له إذا رأيتمونا قد اختلطنا فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تکونوا وراءهم، و عبّأ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم أصحابه و دفع الراية إلى أمير المؤمنين عليه السلام فحمل الأنصار على مشرکي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة و وقع أصحاب رسول اللَّه في سوادهم و انحط خالد بن الوليد في مائتي فارس على عبد اللَّه بن جبير فاستقبلوهم بالسهام فرجع و نظر أصحاب عبد اللَّه بن جبير إلى أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم ينهبون سواد القوم فقالوا لعبد اللَّه بن جبير قد غنم أصحابنا و نبقى نحن بلا غنيمة فقال لهم عبد اللَّه اتقوا اللَّه فان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم قد تقدم إلينا أن لا نبرح فلم يقبلوا منه و اقبلوا ينسل رجل فرجل حتى أخلوا مراکزهم و بقي عبد اللَّه بن جبير في اثني عشر رجلًا و کانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدري من بني عبد الدار فقتله عليّ عليه السلام فأخذ الراية ابو سعيد بن أبي طلحة فقتله عليّ و سقطت الراية فأخذها مسافح بن طلحة فقتله حتى قتل تسعة من بني عبد الدار حتى صار لواؤهم إلى عبد لهم أسود يقال له صواب فانتهى اليه عليّ فقطع يده فأخذ الراية باليسرى فضرب يسراه فقطعها فاعتنقها بالجذماوين إلى صدره ثم التفت إلى أبي سفيان فقال هل أعذرت في بني عبد الدار فضربه عليّ عليه السلام على رأسه فقتله فسقط اللواء فأخذتها عمرة بنت علقمة الکنانية فرفعتها و انحط خالد بن الوليد على عبد اللَّه بن جبير و قد فرّ أصحابه و بقي في نفر قليل فقتلهم على باب الشعب ثم أتى المسلمين من أدبارهم و نظرت قريش في هزيمتها إلى الراية قد رفعت فلاذوا بها و انهزم أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم هزيمة عظيمة و أقبلوا يصعدون في الجبال و في کل وجه فلما رأى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم الهزيمة کشف البيضة عن رأسه و قال إليّ أنا رسول اللَّه إليّ أين تفرّون عن اللَّه و عن رسوله... (الفيض الکاشانى، محمد محسن بن شاه مرتضى، تفسیر الصافی، 1/376)
هؤلاء هم الذین قد عاهدوا الله و رسوله علی الایمان، و لکنهم لم یصدقوا عهدهم، و لم یعملوا بما اقتضی ایمانهم، و بالنتیجة سبّبوا ان یجترح النبی صلی الله علیه و آله و سلم و ان یُقتل کثیر من اصحابه صلی الله علیه و آله و سلم، منهم عمّه حمزة بن عبد المطلب.
فیوجد مؤمنون الذین یدّعون الایمان، و لکنهم لا یصدقون بما عاهدوا الله و رسوله علیه فی الظروف الصعبة، و بالتالی یضرون انفسهم و یضرّون الاسلام و المسلمین.
هنا سؤال: لماذا لا یصدق بعض المؤمنین عهدهم، و لا یعملون بلوازم ایمانهم؟ لماذا لا یثبتون فی طریق الحق؟ أجاب الله سبحانه و تعالی عن هذا السؤال. قال تعالی: إِنَّ الَّذينَ تَوَلَّوْا مِنْکُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما کَسَبُوا... (آل عمران، 155)
فاستطاع الشیطان ان یستزلهم، لاعمالهم السابقة. کانوا قد ارتکبوا بعض الذنوب و الخطایا، التی سببت استزلالهم. فأولئک هم الذین لم یحفظوا انفسهم فی الظروف الصعبة و بالتالی ضعف ایمانهم، و هذا الضعف قد ظهر اذا امتُحنوا بالثبات علی باب الشعب، و عدم المیل الی الغنیمة، فتزلزلوا عند الامتحان و لم ینجحوا.
ایها الإخوة! اذا رأیتم فیکم ضعفا عند الامتحان، مثلا تتزلزل اقدامکم فی التجارة عندما یأتیکم الاموال المحرمة، فاعلموا أن هذا نتیجة ضعف الایمان الذی قد کسبتموه طیلة الزمان بذنوبکم و خطایاکم. و لو رأیتم أن انسانا یعمل فی حیاته من دون أن یتزلزل قدماه، فاعلموا أن هذا نتیجة قوة ایمانه التی قد کسبها طیلة الزمان. کلّ عمل صالح یقوّی ایمان، و کل ذنب و خطأ یضعّف ایمانی. الایمان کشجرة، کلما عملت عملا صالحا، تتقوی جذورها، کایمان سید الشهداء حمزة. لماذا لا یفر من الجهاد؟ لماذا لا یخاف الاعداء؟ لماذا لا یتزلزل قدماه؟ لأنه قوّی ایمان بالعمل الصالح. لماذا ارتکب اصحاب عبد الله بن جبیر ذلک الخطأ الجسیم الذی أضرهم انفسهم و أضرّ الاسلام و المسلمین؟ لأنهم لم یتوجهوا الی الاعمال الصالحة فی سابق حیاتهم. فهؤلاء کانوا یرتکبون المعاصی فی حیاتهم الماضیة و ذلک ادی الی أن ضعف ایمانهم، و بالتالی تزلزلوا عند الامتحان و سببوا شهادة کثیر من اصحاب النبی صلی الله علیه و آله و سلم و علی رأسهم عمه حمزة علیه السلام.
نصلی علی حمزة و جمیع شهداء الاسلام. بعد ان انتهی غزوة أحد، صلّی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم صلاة المیت علی عمه حمزة، ثم کان المسلمون یأتون بشهید من شهداء أحد (تعرفون أن فی هذه الغزوة قد استشهد قریب من سبعین صحابیا من اصحاب النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم)، فکان النبی صلی الله علیه و آله و سلم یصلی علیه مع حمزة علیه السلام، الی أن جیء بسبعین شهیدا و صلی النبی علی عمه حمزة مع کل شهید، الی ان صلی علیه سبعین مرة.
اللهم ننشدک بحق اولیائک قوّ ایماننا بالاعمال الصالحة، اللهم قوّ حبنا ایاک و الایمان فی سبیلک یوما فیوما، اللهم! حبّب الینا الاعمال التی تحبّها و هی تقرّبنا الیک، اللهم! بعّد قلوبنا و ارواحنا و انفاسنا و جمیع وجودنا عن الاعمال الشیطانیة التی تبعّدنا عنک، اللهم! ارحمنا فی بیتک هذا و فی هذا الیوم الذی جعلته عیدا للمؤمنین، و ارحم والدینا، و امامنا الراحل و ذوی حقوقنا و اصدقائنا و شهدائنا و جمیع المؤمنین و المؤمنات، و أعزّ الأمة المسلمة فی جمیع العالم.
اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.
الخطبة الثانیة للجمعة 31 خرداد 1398ش، الموافق 17 شوال 1440ق، الموافق 21 حزیران 2019م.
عباد الله! اوصیکم و نفسی بتقوی الله.
أرجو ان یرزقنا الله سبحانه و تعالی توفیق التقوی فیما بقی من عمرنا، و ان یغفر جمیع ما تقدم منا مما یعارض التقوی.
الیوم سوف اتکلم فی هذه الخطبة الثانیة حول المحدث الکبیر، عبد العظیم الحسنی رحمه الله، الذی قد مضی فی الاسبوع الماضی ذکری وفاته. الناس مثل عبد العظیم الحسنی، هم أسوة لجمیع المؤمنین. و التوجه الی سیرة هؤلاء یوجب لنا العبرة فی حیاتنا. و مهم ان نعرف أنه کیف وصل عبد العظیم الحسنی الی تلک المرتبة الرفیعة، الی ان أیده ائمة أهل البیت علیهم السلام و مدحوه. و قد ورد فیه روایات عدیدة عن ائمة أهل البیت علیهم السلام. و الیوم سوف أتکلم عن درسین من سیرته رحمه الله، و فی کلیهما عبرة لنا.
أول شیئ ارید ان اذکر لکم من سیرة عبد العظیم الحسنی، هو اغتنام الفرصة. من أوصاف المؤمن ان یعرف قدر جمیع لحظات حیاته و یغتنمها. و لا یسمح ان تنهدر فرص حیاته. کفرصة الشباب، و القوة و و و... الفرص التی اذا مضت، لن ترجع ابدا. فالمؤمن یغتنم فرص حیاته، و لا یعمل بنحو یندم علیه، و بالتالی لا یضطر ان یقول فی نفسه أنه قد ضیّع حیاته. هناک بعض الناس، لم یعملوا خیرا فی حیاتهم، و لم یتعلموا شیئا و لم یعبد الله. و لکن المؤمن لا یعیش کذلک، و انما یعمل بنحو، یأخذ کتاب اعماله بیدیه، کأنه یقول لله سبحانه و تعالی: اللهم! انا قد فعلت کل ما استطعت، و حاولت ان استفید من حیاتی بأحسن وجه ممکن، للوصول الی الکمال و نمو الانسانیة فیّ. عبد العظیم الحسنی لم یکن من الطائفة الاولی، الذین لم یعملوا خیرا و لم یتعلموا علما نافعا و لم یعبدوا الله تبارک و تعالی، و انما کان من الطائفة الثانیة الذین حاولوا ان یستفیدوا من حیاتهم بأحسن وجه للوصول الی الکمال الحقیقی و معرفة الله سبحانه و تعالی و رضاه. سوف اذکر لکم بعض القصص من حیاته رحمه الله حتی تعلموا کیف استفاد من جمیع لحظات حیاته للوصول الی الکمال الانسانی و معرفة الله. فلو لم نعتبر من سیرة هؤلاء العظام، فسوف تشملنا هذه الآیة التی تسمی یوم القیامة یومَ الحسرة. فقال الله تبارک و تعالی: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ هُمْ في غَفْلَةٍ وَ هُمْ لا يُؤْمِنُون. (مریم، 39)
فمن لم یعتبر من سیرة هؤلاء الواصلین الی الکمال الانسانی، فهم الذین سوف یخسرون یوم القیامة. قال الله سبحانه و تعالی: وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَکُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُون. أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ کُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرينَ. (الزمر، 55-56)
فهم کما رأینا فی الآیة، سوف یخسرون یوم القیامة و بالتالی یحسرون علی ما فرطوا فی جنب الله. إخوانی! بعض رأس الاموال اذا ضیّعها صاحبها، لا یمکن ارجاعها. التاجر اذا خسر رأس ماله، لا ییئس، یسعی و یحاول و بالنتیجة یبدل الضرر نفعا، و لکن بعض رأس الاموال غیر قابل للارجاع، منها الحیاة و الشباب. فاذا ضیّعها انسان، لا یستطیع ان یرجعها مهما حاول، و لا یبقی له سوی الحسرة. فلنکن من الذین لم یضیّعوا فرص حیاتهم.
عبد العظیم الحسنی کان کذالک. کان یستفید من جمیع لحظات عمره، مثلا اذا تشرف بزیارة اهل البیت علیهم السلام فکان یغتنم الفرصة. کان یسأل الامام کل ما بدا له من الأسئلة، و کان یعرض دینه و ما یعتقد به علی إمام زمانه علیه السلام، حتی تُصلح دینه اذا کان فیها خطأ. کان کثیر من الناس یزورون الائمة علیهم السلام، و لکنهم لم یکونوا یغتنمون تلک الفرص، لم یعرفوا قیمة الفرصة التی رزقهم الله، و بالنتیجة ضیّعوا تلک الفرص الذهبیة. و لکن عبد العظیم الحسنی لم یکن کذلک، کلما وجد فرصة، استفاد منها، فلذا نراه قد عرض عقائده علی الامام الهادی علیه السلام، و قال مولای! ارید ان اعرض علیک عقائدی، و اسلوب حیاتی، حتی اعرف انها صحیحة أم لا. هذه وظیفتنا جمیعا، علینا ان نشکّل حیاتنا و شغلنا و عملنا و تجارتنا حسب ما بیّن لنا الفقهاء عن ائمة أهل البیت علیهم السلام فی رسالة توضیح المسائل و الکتب الأخری. و یجب ان نعرف ان نوع تجارتی و کسبی و عملی و و و ... مؤیدة من قبل الشارع أم لا. و کذلک ینبغی ان نعرف أن اهداف و اسالیب تربیتنا اولادنا، هی حسب سیرة الائمة علیهم السلام أم لا. و یلزم ان نتأکد ان یکون جمیع حیاتنا وفق سیرة اهل البیت علیهم السلام حتی لا یکون فیها شیء یسیر خلاف سیرتهم علیهم السلام. و لهذا نری عبد العظیم الحسنی قد استفاد من الفرصة و عرض دینه علی الامام علیه السلام حتی یتأکد من صحته، و یصلحه اذا کان فیه خطأ. هکذا کان جمیع اصحاب و ناصری ائمة اهل البیت علیهم السلام، مغتنمی الفرص.
اقص لکم قصة. من اصحاب الامام الصادق علیه السلام جابر ابن یزید الجعفی. جاء فی روایة عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: خَدَمْتُ سَيِّدَنَا الْإِمَامَ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ وَدَّعْتُهُ، وَ قُلْتُ: أَفِدْنِي. فَقَالَ: بَعْدَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، يَا جَابِرُ! قُلْتُ: نَعَمْ إِنَّکُمْ بَحْرٌ لَا يُنْزَفُ وَ لَا يُبْلَغُ قَعْرُهُ.
فَقَالَ: يَا جَابِرُ، بَلِّغْ شِيعَتِي عَنِّي السَّلَامَ، وَ أَعْلِمْهُمْ أَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ لَا يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ إِلَّا بِالطَّاعَةِ لَهُ.
يَا جَابِرُ، مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ أَحَبَّنَا فَهُوَ وَلِيُّنَا، وَ مَنْ عَصَى اللَّهَ لَمْ يَنْفَعْهُ حُبُّنَا. يَا جَابِرُ، مَنْ هَذَا الَّذِي يَسْأَلُ اللَّهَ فَلَمْ يُعْطِهِ، أَوْ تَوَکَّلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَکْفِهِ، أَوْ وَثِقَ بِهِ فَلَمْ يُنْجِهِ! يَا جَابِرُ، أَنْزِلِ الدُّنْيَا مِنْکَ کَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ تُرِيدُ التَّحْوِيلَ عَنْهُ، وَ هَلِ الدُّنْيَا إِلَّا دَابَّةٌ رَکِبْتَهَا فِي مَنَامِکَ فَاسْتَيْقَظْتَ وَ أَنْتَ عَلَى فِرَاشِکَ غَيْرُ رَاکِبٍ وَ لَا آخِذٍ بِعِنَانِهَا، أَوْ کَثَوْبٍ لَبِسْتَه... (الطوسى، محمد بن الحسن، الأمالی، 296)
هذا هو المؤمن، الذی یغتنم الفرصة و لا یضیّعه. جمیع اصحاب الائمة الطاهرین علیهم السلام کانوا کذلک، منهم عبد العظیم الحسنی. کلما بدا له سؤال یسأل الامام علیه السلام. بعضنا قد یخطر بباله شبهة، و فی کثیر من الاحیان یأتینا الوالدان و یقولون: إن ولدنا قد ابتلی بشبهة حول الحجاب أو الصلاة و... و نجیب علی هذه الشبهات.
اخوانی! مهما ابتلیتم بشبهة، فعلیکم ان لا تسمحوا ان تبقی هذه الشبهة فی ذهنکم بدون جواب، علیکم ان تبحثوا عن الجواب. لأن الشبهة اذا بقی فی الذهن من دون جواب، فهی سوف تضرّ الدین و الایمان، و لکن نفس هذه الشبهة فرصة لمن یبحث عن الجواب و لا یجلس مستریحا الی ان یجد لها جوابا، لأن هکذا الاشخاص یقوّون دینهم و اعتقادهم بإجابة هکذا الشبهات. عبد العظیم الحسنی کان کذلک. کان یسأل أسئلته عن الامام علیه السلام کلما وجد فرصة.
انقل لکم قصة. جاء فی روایة عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا علیه السلام يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ عَنْ آبَائِکَ علیهم السلام فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا تَفَاوَتُوا فَإِذَا اسْتَوَوْا هَلَکُوا ... قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام إِنَّکُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِکُمْ فَسَعُوهُمْ بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَ حُسْنِ اللِّقَاءِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم يَقُولُ إِنَّکُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِکُمْ فَسَعُوهُمْ بِأَخْلَاقِکُمْ قَالَ ..... فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام مُجَالَسَةُ الْأَشْرَارِ تُورِثُ السوء (سُوءَ) الظَّنِّ بِالْأَخْيَارِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ .... (و هکذا قال للإمام علیه السلام ثمانی عشرة مرة: زدنی یابن رسول الله. و علّمه الامام علیه السلام حدیثا عن آبائه علیهم السلام) (ابن بابویه، محمد بن علی، عيون أخبار الرضا عليه السلام، 2/53)
هؤلاء هم الذین اغتنموا الفرص، و استفادوا منها، و بالنتیجة وصلوا الی مراتب علیا، لا یمکن الوصول الیها الا للذین یغتنمون فرص الحیاة. احوال هؤلاء المؤمنین قد ذکر فی روایاتنا، حتی الرسائل التی کتبوا الی الائمة علیهم السلام و سألوهم أسئلة. و لهذا نری عبد العظیم الحسنی قد روی احادیث عدیدة عن ائمة اهل البیت علیهم السلام.
فاغتنام فرص الحیاة هو الدرس الاول الذی نتعلم من سیرة عبد العظیم الحسنی رحمه الله و أمثاله.
و أما الدرس الثانی الذی یمکننا ان ندرس من سیرة عبد العظیم الحسنی رحمه الله هو الجامعیة. فمن أوصاف شخصیة عبد العظیم الحسنی رحمه الله جامعیته فی العمل بالوظائف الدینیة. کثیر من المؤمنین لا نری فی حیاتهم هذه الجامعیة. مثلا بعض المؤمنین أهل العبادة، و لکن خُلُقهم لیس حسنا. و البعض الآخر عکس هؤلاء، خلقهم حسن، و لکنهم لیسوا أهل صلاة الجماعة و لا یصلون الصلاة أول وقتها، أو لا یصلون أصلا. و البعض الآخر، هم أهل العبادة و خلقهم ایضا حسن، و لکنهم غافلون فی کسبهم و تجارتهم، فلا یمیزون الحلال من الحرام، و یجمعون کل ما وصلت الیه ایدیهم سواء کان حلالا أو حراما. أو هو أهل رعایة الحلال و الحرام فی الکسب و التجارة، و لکنه لا یؤدی حقوق المؤمنین من ذوی القربی و الجیران و الاصدقاء و ... فبعض المؤمنین هکذا، انما یؤدون بعض وظائفهم، و یغفلون عما سواها.
نعم هناک بعض المؤمنین، یجمعون جمیع هذه الاوصاف الحسنة و یؤدون جمیع وظائفهم. فکأنهم یکسبون الدرجة الاولی فی اداء جمیع الوظائف، و امتثال جمیع الاوامر الالهیة. فهم أهل العبادة و هم أهل أخلاق حسنة فی التعامل مع الأسرة و ذوی القربی و الجیران و الاصدقاء و هم أهل رعایة الحلال و الحرام فی الکسب و التجارة و هم یؤدون جمیع وظائفهم الاجتماعیة، و و و... أو لا اقل یحاولون ان یکونوا هکذا. عبد العظیم الحسنی کان کذلک. فهو کان یحاول ان یؤدی جمیع وظائفه بأحسن وجه، فاذا رأی من وظیفته العبادة فیعبد الله بأحسن وجه، و اذا رأی من وظیفته الکتابة، فیکتب، و اذا کان وظیفته الهجرة، هاجر، و اذا رأی من وظیفته التبلیغ، بلّغ، و اذا رأی من وظیفته المبارزة بظالمی عصره، بارز و جاهدهم، و و و .... ففی أی مجال رأیته، یؤدی وظیفته، و لهذه الجامعیة هو وصل الی تلک الدرجة الرفیعة عند الله سبحانه و تعالی.
عبد العظیم الحسنی یصل نصبه الی الامام الحسن علیه السلام بأربع وسائط. و تعرفون أن هناک ابناء بلا فصل للائمة الطاهرین علیهم السلام لم یصلوا الی تلک المنزلة، لماذا هو وصل الی تلک المرتبة؟ اخوانی! هذا هو الدرس لنا، أهل البیت علیهم السلام انما یرون الی أن الشخص یؤدی جمیع وظائفه و یعمل بکل ما هو مأمور به أم لا، فإذا عمل شخص بجمیع وظائفه، ینظرون الی نظرة لطف و یدعون له و یجعلونه من اصحابهم و انصارهم. فجامعیته هذه قد فرّحت أهل البیت علیهم السلام.
لعبد العظیم الحسنی منزلة عظیمة رفیعة الی ان جعل ثواب زیارته کزیارة ابی عبد الله الحسین علیه السلام. جاء فی روایة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الرَّيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْکَرِيِّ علیه السلام فَقَالَ أَيْنَ کُنْتَ فَقُلْتُ زُرْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ علیه السلام فَقَالَ أَمَا إِنَّکَ لَوْ زُرْتَ قَبْرَ عَبْدِ الْعَظِيمِ عِنْدَکُمْ لَکُنْتَ کَمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ علیه السلام. (ابن قولويه، جعفر بن محمد، کامل الزیارات، 324)
کیف وصل عبد العظیم الحسنی رحمه الله الی هذه المرتبة الرفیعة؟ انما وصل بالجامعیة فی العمل بالوظائف الدینیة. اذکر لکم مصداقا آخر من جامعیته. من مصادیق الجامعیة فی اداء الوظائف الدینیة الذی نشاهده فی سیرة عبد العظیم الحسنی بصورة بارزة، هو قبول الولایة بأحسن وجه. کان هناک من ابناء اهل البیت علیهم السلام الذین کانوا یعبدون، و کانوا یحاولون ان یؤدوا حقوق الله، و لکنهم کانوا ضعفاء فی قبول ولایة أهل البیت علیهم السلام. لم یکونوا یسمعون الی اوامر امام زمانهم، و لم یکونوا یستخرجون وظائفهم من کلمات الامام علیه السلام، و کان ارتباطهم بامام زمانهم ضعیفا، و حتی فی بعض الاحیان کانوا یقفون فی وجه إمامهم، (هذا منقول فی التأریخ أن بعض ابناء الائمة قد وقفوا فی وجه إمام زمانهم علیه السلام)، و لهذا نراهم لم یصلوا الی تلک المراتب العلیا. و لکن عبد العظیم الحسنی رحمه الله لم یکن کذلک. هو کان مأموما لإمام زمانه علیه السلام بتمام معنی الکلمة. و کان یعمل بکل ما امره الامام علیه السلام به من دون ان یستشکل او یعترض أو یجد فی نفسه حرجا مما امره الامام علیه السلام. و قبول الولایة بکل وجود هو السبب الذی اوصله الی تلک المرتبة الرفیعة.
ایها الأعزاء! هذا هو الدرس الثانی الذی ینبغی ان ندرس جمیعا من سیرة عبد العظیم الحسنی رحمه الله. یجب ان نحاول ان نعرف ماذا یطلب منا امام زماننا الذی هو حیّ حاضر ناظر. و اذا عرفنا ما یرید منا امام زماننا عجل الله فرجه الشریف، فعلینا ان نعمل بوظیفتنا بکل دقة، حتی نصل الی مرتبة مثل عبد العظیم الحسنی رحمه الله.
فنصلی علی روح هذا السید الکبیر المطیع لإمام زمانه، و نسأل الله ان یرزقنا توفیق ان نعرف قدره.
اللهم! بحق محمد و آل محمد ارفع موانع ظهور و فرج مولانا صاحب العصر و الزمان، اللهم! بحق إمام زماننا، بارک لنا فی الحیاة و الرزق و الاولاد و جمیع شؤون حیاتنا، اللهم! بعزة إمام زماننا، احفظ شبابنا من آفات و بلایا آخر الزمان، اللهم بعزّتک! هیّأ اسباب زواج جمیع شبابنا و کذلک اسباب اشتغالهم و مکاسبهم، اللهم! ننشدک بجمیع مقرّبیک، اجعل عاقبتنا خیرا، و اغفر إمامنا الراحل و جمیع الشهداء و الصلحاء و الصدیقین و کل من مات منا، و تغمدهم برحمتک و اسکنهم فسیح جناک، و احفظ السید القائد الخامنه ای و المراجع العظام، و جمیع خادمی المذهب و الملّة.
اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.
ملف المرفقات: