17 ربيع الأول ولادة رسول الله(ص)
اسمه ونسبه(صلى الله عليه وآله)
النبي محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف، وينتهي نسبه الشريف إلى النبي إبراهيم الخليل(عليه السلام).
کنيته(صلى الله عليه وآله) ولقبه
کنيته أبو القاسم، أبو إبراهيم، ولقبه المصطفى.
تاريخ ولادته(صلى الله عليه وآله) ومکانها
17 ربيع الأوّل 40 عام قبل البعثة النبوية، الموافق 571 ميلادي، مکّة المکرّمة.
وهو العام الذي يُسمّى بـ(عام الفيل)، حيث تعرّضت فيه مکّة لعدوان أبرهة الحبشي صاحب جيش الفيل، فجعل الله کيدهم في تضليل، کما ورد في سورة الفيل من القرآن الکريم.
أُمّه(صلى الله عليه وآله) وزوجته
أُمّه السيّدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف، زوجته السيّدة خديجة بنت خويلد الأسدي، أُمّ السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، وله زوجات أُخر.
مدّة عمره(صلى الله عليه وآله) ونبوّته
عمره 63 سنة، ونبوّته 23 سنة.
حمله(صلى الله عليه وآله)
حملت به أُمّه أيّام التشريق، وقالت: فما وجدت له مشقّة حتّى وضعته.
ثمّ خرج أبوه عبد الله وأُمّه حامل به في تجارة له إلى الشام، فلمّا عاد نزل على أخواله بني النجّار بالمدينة، فمرض هناک ومات، ورسول الله(صلى الله عليه وآله) حمل.
وکان أبوه عبد الله فقيراً، لم يخلّف غير خمسة من الإبل وقطيع غنم وجارية اسمها برکة، وتکنّى أُمّ أيمن، وهي التي حضنت النبي(صلى الله عليه وآله)(1).
شعر عبد المطّلب فيه(صلى الله عليه وآله)
لمّا سمع عبد المطّلب ـ جدّ النبي(صلى الله عليه وآله) ـ بولادة النبي فرح فرحاً کثيراً، ودخل على السيّدة آمنة(رضي الله عنها)، وقام عندها يدعو الله ويشکر ما أعطاه، وقال:
الحمد لله الذي أعطاني |
|
هذا الغلام الطيّب الأردان |
قد ساد في المهد على الغلمان |
|
أُعيذه بالله ذي الأرکان |
حتّى أراه بالغ البنيان |
|
أُعيذه من شرّ ذي شنان |
من حاسد مضطرب العنان(2).
رضاعه(صلى الله عليه وآله)
أرضعته أوّلاً ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابنها مسروح أيّاماً قبل أن تقدّم حليمة السعدية، وکانت أرضعت قبله(صلى الله عليه وآله) عمّه حمزة.
وکان رسول الله(صلى الله عليه وآله) والسيّدة خديجة يکرماها، واعتقها أبو لهب بعد الهجرة، فکان(صلى الله عليه وآله) يبعث إليها من المدينة بکسوة وصلة حتّى ماتت، فسأل عن ابنها مسروح، فقيل: مات، فسأل عن قرابتها، فقيل: ماتوا.
ثمّ أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، من بني سعد بن بکر، وکان أهل مکّة يسترضعون لأولادهم نساء أهل البادية طلباً للفصاحة، ولذلک قال(صلى الله عليه وآله): «أنا أفصح من نطق بالضاد، بيد أنّي من قريش واستُرضعت في بني سعد».
فجاء عشرة نسوة من بني سعد بن بکر يطلبن الرضاع، وفيهنّ حليمة، فأصبن الرضاع کلّهن إلّا حليمة، وکان معها زوجها الحارث المکنّى أبا ذؤيب، وولدها منه عبد الله، فعرض عليها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقالت: يتيم ولا مال له، وما عست أُمّه أن تفعل. فخرج النسوة وخلفنها، فقالت لزوجها: ما ترى قد خرج صواحبي، وليس بمکّة غلام يسترضع إلّا هذا الغلام اليتيم، فلو أنّا أخذناه، فإنّي أکره أن أرجع بغير شيء.
فقال لها: خذيه عسى الله أن يجعل لنا فيه خيراً، فأخذته فوضعته في حجرها، فدرّ ثدياها حتّى روي وروي أخوه، وکان أخوه لا ينام من الجوع. فبقي عندها سنتين حتّى فطم، فقدموا به على أُمّه زائرين لها، وأخبرتها حليمة ما رأت من برکته فردّته معها، ثمّ ردّته على أُمّه وهو ابن خمس سنين ويومين.
وقدمت حليمة على رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعدما تزوّج، فبسط لها رداءه، وأعطتها خديجة أربعين شاةً، وأعطتها بعيراً.
وجاءت إليه(صلى الله عليه وآله) يوم حُنين، فقام إليها وبسط لها رداءه، فجلست عليه(3).
من الکرامات الظاهرة عند ولادته(صلى الله عليه وآله)
1ـ روى علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن رجاله قال: «کان بمکّة يهودي يقال له يوسف، فلمّا رأى النجوم تُقذف وتتحرّک ليلة ولد النبي(صلى الله عليه وآله) قال: هذا نبي قد ولد في هذه الليلة؛ لأنّا نجد في کتبنا إنّه إذا ولد آخر الأنبياء رُجمت الشياطين وحُجبوا عن السماء.
فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال: هل وُلد فيکم الليلة مولود؟ قالوا: قد ولد لعبد الله بن عبد المطّلب ابن في هذه الليلة، قال: فاعرضوه عليَّ. فمشوا إلى باب آمنة، فقالوا لها: أخرجي ابنک، فأخرجته في قماطه، فنظر في عينه وکشف عن کتفيه، فرأى شامة سوداء وعليها شعيرات، فلمّا نظر إليه اليهودي وقع إلى الأرض مغشياً عليه، فتعجّبت منه قريش وضحکوا منه.
فقال: أتضحکون يا معشر قريش؟ هذا نبي السيف، ليبيرنکم، وذهبت النبوّة عن بني إسرائيل إلى آخر الأبد. وتفرّق الناس يتحدّثون بخبر اليهودي»(4).
2ـ قالت أُمّه السيّدة آمنة: لمّا قربت ولادة رسول الله(صلى الله عليه وآله) رأيت جناح طائر أبيض قد مسح على فؤادي، فذهب الرعب عنّي، وأتيت بشربة بيضاء وکنت عطشى فشربتها، فأصابني نور عال.
ثمّ رأيت نسوة کالنخل طوالاً تحدّثني، وسمعت کلاماً لا يشبه کلام الآدميين، حتّى رأيت کالديباج الأبيض قد ملأ بين السماء والأرض، وقائل يقول: خذوه من أعزّ الناس… فخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) رافعاً إصبعه إلى السماء.
ورأيت سحابة بيضاء تنزل من السماء حتّى غشيته، فسمعت نداءً: طوفوا بمحمّد شرق الأرض وغربها والبحار، لتعرفوه باسمه ونعته وصورته.
ثمّ انجلت عنه الغمامة، فإذا أنا به في ثوب أبيض من اللبن، وتحته حرير خضراء، وقد قبض على ثلاث مفاتيح من اللؤلؤ الرطب، وقائل يقول: قبض محمّد على مفاتيح النصرة والريح والنبوّة.
ثمّ أقبلت سحابة أُخرى فغيّبته عن وجهي أطول من المرّة الأُولى، وسمعت نداءً: «طوفوا بمحمّد الشرق والغرب وأعرضوه على روحاني الجنّ والأنس والطير والسباع، وأعطوه صفاء آدم، ورقّة نوح، وخلّة إبراهيم، ولسان إسماعيل، وکمال يوسف، وبشرى يعقوب، وصوت داود، وزهد يحيى، وکرم عيسى»(5).
3ـ قالت السيّدة آمنة: «لمّا حملت به لم أشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل، فرأيت في نومي کأنّ آتٍ أتاني فقال لي: قد حملت بخير الأنام، فلمّا حان وقت الولادة خفّ عليّ ذلک حتّى وضعته، وهو يتّقي الأرض بيديه ورکبتيه، وسمعت قائلاً يقول: وضعت خير البشر، فعوّذيه بالواحد الصمد من شرّ کلّ باغ وحاسد»(6).
4ـ قال ابن عبّاس: «لمّا کانت الليلة التي وُلد فيها النبي(صلى الله عليه وآله) ارتجّ إيوان کسرى، وسقط منه أربعة عشر شرافة، وغاضت بحيرة ساوة، وانقطع وادي السماوة، ولم تجرِ بحيرة طبرية، وخمدت بيوت النار»(7).
——————————
1ـ اُنظر: أعيان الشيعة 1 /218.
2ـ اُنظر: المصدر السابق.
3ـ اُنظر: أعيان الشيعة 1 /218.
4ـ مناقب آل أبي طالب 1 /30.
5ـ المصدر السابق 1 /28.
6ـ کمال الدين وتمام النعمة: 196.
7ـ العدد القوية: 122.
ملف المرفقات: