۱۳۹۸/۱/۱۷   7:42  زيارة:1810     ارشیو خطبات نماز جمعه


22 رجب 1440ق، الموافق 29  مارس 2019م.

 


الخطبة الاولی للجمعة 9  فروردین 1398ش، الموافق 22 رجب 1440ق، الموافق 29  مارس 2019م.

بسم الله الرحمن الرحیم.

قال الله تبارک و تعالی: ادْعُوني‏ أَسْتَجِبْ لَکُمْ. (غافر، 60)

فی الاسابیع الماضیة قد ذکرنا بعض الأمور حول الدعاء، و قلنا إن الدعاء یوجد فینا الرجاء و الأمل. الدعاء یعیننا اذا انسدت علینا الطرق، فیفتح لنا الطریق. و أما أنه لماذا لا یستجاب لنا الدعاء فی بعض الأحیان؟ فقد ذکرنا لکم بعض الآیات و الاحادیث فی هذا المجال، منها کلام الإمام علی بن ابی طالب علیه السلام، أن الدعاء لا تستجاب لثمانیة موانع أو تعبیره علیه السلام لخیانة القلوب فی ثمانیة الامور، منها اذا آمن شخص بالله و ادعی معرفته، فعلیه ان یعبده، و لکنه تولی و لم یعبد و صَحِب الشیطان، آمن بالقرآن و قرأه و لکنه لم یعمل به، فهکذا الشخص لا یستجاب له الدعاء مهما دعا. و ایضا من موانع استجابة الدعاء هی الاعمال السیّئة لا سیما ذرب اللسان و سوء الاعتقاد و سوء الفکر و العمل، و هکذا من یظلم الخلق، فسیّء الکلام و السلیط لا یستجاب له دعائه، و سیّء العمل لا یستجاب له الدعاء، و من یغتاب الآخرین لا یستجاب له الدعاء، الذی یُهین الآخرین لا یستجاب دعائه، الظالم لا یستجاب دعائه و و و ...

و الیوم سوف أتکلم عن الاعمال التی توجب ان یستجاب الدعاء. فالسؤال هو ماذا نفعل حتی یستجاب دعائنا؟ ارجوکم ان تتنبهو جیدا، إنما یستجاب الدعاء لمن قبله الله عز و جلّ، و هو لا یقبل الا اذا کان الانسان صالحا متقیا، اذا کان فکره طیّبا، اذا کان لا یتکلم کلام الشیطان، و اذا کان لا یتکلم الا بما یعتقد صحته، اذا کان عینه لنفسه لا للشیطان، اذا کان بطنه له لا للشیطان، فمن اراد ان یستجاب له الدعاء، فلإستجابة الدعاء شروط. أول شرط ذکر لاستجابة الدعاء هو ان یحاول تطهیر الروح و القلب من جمیع المعاصی و الظلام. فلو اردنا ان یستجاب أدعیتنا فیجب ان یتطهر قلوبنا و ارواحنا، و هذا لا یکون الا ان نترک الذنوب و نتوب عنها. قال الامام الصادق علیه السلام: لا ینبغی ان یسئل الله أحدٌ منکم الا ان یثنی علیه و یحمده، و یصلی علی نبیه محمد و آله و یندم علی ذنوبه و یتوب.

فمقدمة الدعاء هی ان نتواضع تجاه ربنا سبحانه، و نخشعه و نکسّر اصنام التکبر و الغرور و نستیقن اننا لسنا بشیء. لیس علینا وظیفة غیر العبودیة، فاذا أدینا هذه الوظیفة فنتقرب الی الله عز و جل. فمن شروط استجابة الدعاء ان نحمد الله و نصلی النبی و آله و نتوب الی الله سبحانه. اعلموا اخوانی! ارضیة المعصیة مهیّأة و لنخف یوما نستخدم الدین کوسیلة لدنیانا، و لنخف ان تصبح الصلاة فی نظرنا کوسیلة للحصول علی الدنیا، و لنخف ان نکون من المصلین و مع ذلک نغتاب الآخرین، و نهجم حیثیات الآخرین و نحن جالسین فی المسجد، نخرج من المسجد و نأکل الحرام أو مال الشبهة، لم هذا؟ لأن الشرط الثانی لاستجابة الدعاء هو الحیاة الطیبة. فلیتجنب الاموال المحرمة، و الاموال المغصوبة و الظلم علی الآخرین. أوصی جمیع الاعلام ان من اراد ان یحیی حیاة طیبة فلا یجلس علی کلّ سفرة، و لا یأکل کل أکلة بل یبحث عنه، من این جاء، و کیف کُسب؟ فلذا قیل: لو شئنا ان یستجاب دعائنا، فلنطهّر اموالنا، و یجب ان لا نظلم أحدا. قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم فی حدیث له: کل من اراد ان یستجاب له الدعاء، یجب ان یطهر امواله. و یطهر طعامه، و یطهر قلبه من الاعتقادات الباطلة.

جاء رجل الی النبی الاکرم صلی الله علیه و آله وسلم و قال: أحبّ ان یستجاب لی دعائی، ماذا أفعل؟ فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ما مضمونه: من اراد ان یستجاب دعائه، فلیطهر طعامه. و لیتجنب الأکلة المحرمة.

و تنبهوا، لا یلزم ان یکون الاکلة المحرمة من المأکولات، بل یمکن ان یکون غیرها، فمثلا الاستماع الی الغیبة حرام، و هذا العمل ای الغیبة قد ذمه القرآن الی حد قال فیه:

لا يَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُکُمْ أَنْ يَأْکُلَ لَحْمَ أَخيهِ مَيْتاً فَکَرِهْتُمُوهُ. (الحجرات، 12)

و هکذا حرّم الاسلام السبّ و الشتم، و قد افتی بحرمته جمیع المراجع العظام دامت برکاتهم. فمن سبّ أو شتم أحدا فلا یستجاب له الدعاء. من الأمور التی یمنع الدعاء من الاستجابة النظر الی الإمرأة الاجنبیة، و کل ما حرّم الله النظر الیه. هذه کلها یسوّد قلوبنا، و ینجسون ارواحنا. لذا منع النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم عن أکل الحرام لأن واحدا من آثاره السیّئة عدم استجابة الدعاء.

الشرط الثالث لاستجابة الدعاء هو محاربة الفساد و الفحشاء و الدعوةُ الی الحق. کلنا مسؤولون، کما َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم: کُلُّکُمْ رَاعٍ وَ کُلُّکُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. (شعيري، محمد بن محمد، جامع الأخبار، 119)

فکل واحد منا مسؤول تجاه دیننا و عبودیتنا و العهد الذی عاهدنا به الی الله سبحانه و تعالی. فالدعوة الی الحق من شروط استجابة الدعاء. و هذا لیس معناه ان یصبح کل واحد منا خطیبا، أو یأمر بالمعروف و ینهی عن المنکر کعلماء الدین، أو یصعد المنبر و یلقی خطبة، بل یکفی ان نعیش وفق ما أمرنا الله سبحانه، فهذا خیر تبلیغ للدین و افضل دعوة الی الحق، قال الامام ابو عبد الله الصادق علیه السلام: کُونُوا دُعَاةً لِلنَّاسِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِکُمْ لِيَرَوْا مِنْکُمُ الْوَرَعَ وَ الِاجْتِهَادَ وَ الصَّلَاةَ وَ الْخَيْرَ فَإِنَّ ذَلِکَ دَاعِيَةٌ. (کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 2/78)

فخیر تبلیغ و افضل دعوة الی الاسلام و الدین ان تبلغهم بالعمل الصالح. فعلی هذا، کل مؤمن صالح مبلّغٌ. فلو استطعنا ان نجعل الناس یحسنون الظن علی الله سبحانه و علی الدین، و أولیاء الله، بعملنا الصالح، فهذا خیر تبلیغ. فطلب الحق و الدعوة الی الحق من شروط استجابة الدعاء. تعرفون أن الامر بالمعروف و النهی عن المنکر فی النظام الالهی سبب إقامة الواجبات الالهیة. فلو سکت الجمیع أو أعانوا علی الاثم أو جعلوا المنکر مقام المعروف و المعروف مقام المنکر، فلا یبقی شیء من الدین. و من عواقب التخلي عن أداء الأمر بالمعروف و النهي عن المنکر، ازدياد عدد المنحرفين و أهل الشر و الفساد في الأرض، و انحسار عدد الصالحين و أهل الخير و التقى، و بازدياد عدد المفسدين و الأشرار و انحسار عدد المصلحين و الأخيار تکون الأجواء و الظروف مهيأة لأهل الفجور للتمادي في انحرافهم و شرّهم و إفسادهم لعباد الله، و ذلک لغياب من يردعهم، و من يقف في وجوههم ليصدهم عن شرهم و فسادهم، حيث يأمنون من عدم الاعتراض و عدم الملاحقة، فتنطلق إرادتهم الضعيفة أمام الشهوات، و أنفسهم الشريرة من عقالها، فيعملون ما يحلو لهم، ثم يکون الأمر لهم ليسيطروا على مقاليد الأمور، و يوجهون الناس حسبما يرون و يشاءون. نقل عن إمام الانبیاء صلی الله علیه و آله و سلم ما حاصله: أیها الناس! أومروا بالمعروف و انهوا عن المنکر، فلو ترکتم الامر بالمعروف و النهی عن المنکر یسلط الله علیکم شرارکم ثمَّ تدعون فلا يستجاب لکم‏ لأنکم فعلتم ما یوجبه.

و تعرفون اذا تسلط الاشرار علی النظام و أخذوا عقال المجتمع، فلا یبقی من الدین الا اسم. لأن هؤلاء لا یدعون الی الدین بل یمنعون الناس عن الرجوع الی الدین و القرآن، و کیف یمکن أن یدعو الی الدین و القرآن، هؤلاء الشاربون الخمر، قاتلون النفس المحترمة، الظالمون الخلق. فالشرط الثالث لاستجابة الدعاء ان ندعو الناس الی طهارة العمل بعد ان طهّرنا انفسنا من ادناس المعاصی.

الشرط الرابع لاستجابة الدعاء هو الایمان و العمل الصالح. فمن یفی عهده بالله سبحانه، فیستجاب دعائه قطعا. و لکن الذی لا علاقة له بالله عز و جل فکیف یتوقع استجابة دعائه. فالانسان العاصی، الظالم، الکاذب، الخائن، لیس أنه لا یستجاب له دعائه فقط بل یفسد المجتمع و الجو الاسلامی. نقل عن الامام أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَجُلًا کَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ دَعَا اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ غُلَاماً يَدْعُو ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَلَمَّا رَأَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُجِيبُهُ قَالَ يَا رَبِّ أَ بَعِيدٌ أَنَا مِنْکَ فَلَا تَسْمَعُ مِنِّي أَمْ قَرِيبٌ أَنْتَ فَلَا تُجِيبُنِي فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّکَ تَدْعُو اللَّهَ بِلِسَانٍ بَذِيٍّ وَ قَلْبٍ غَلِقٍ غَيْرِ نَقِيٍّ وَ بِنِيَّةٍ غَيْرِ صَادِقَةٍ فَاقْلَعْ مِنْ بَذَائِکَ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ قَلْبُکَ وَ لْتَحْسُنْ نِيَّتُکَ قَالَ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِکَ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوُلِدَ لَهُ غُلَامٌ. (کلينى، محمد بن يعقوب‏، الکافی، 4/11)

فذکر فی هذا الحدیث بعض موانع استجابة الدعاء، منها اللسان البذی، و القلب الغلق غیر النقی و النیة غیر الصادقة. فمن اراد ان یستجاب له الدعاء فلیتجنب من هذه الموانع، فلیحسن لسانه فهو لا یؤذی أحدا بلسانه و لا یهجم حیثة أحد و... و لیطهر قلبه من جمیع ما یوجب نجاسته و ایضا ینبغی ان یصدق فی نیته، و یخلصها لله سبحانه. ایها المؤمن! اذا انفقت، فأنفق لوجه الله سبحانه و لا لغرض آخر، اذا صلیت فصلّ لله سبحانه و رحمت یتیما فارحمه لوجه الله عز و جل، فیجب أن لا یکون بینک و بین الله تعالی أحد غیره. لا تعملنّ بنیة ان یراه الناس و یمدحوک علی عملک، لأن هذا ریاء یبطل عملک. فاذا دعوت الله بقلب نقی، و لسان طاهر، و بنیة خالصة فیستجاب لک الدعاء.

الشرط الخامس من شروط استجابة الدعاء هو ان یکون الدعاء مقرونا بالعمل و السعی و المحاولة. فمن جلس فی البیت و ترک العمل ثم دعا الله ان یعطیه الرزق، فدعاء هکذا الشخص لا یستجاب. لا یمکن ان شخصا لا یصلی الصلاة و لا یصوم الصوم و لا یعمل بما أمره الله عز و جل و یعصیه بکل ما استطاع ثم یدعو الله و یسأله حاجة فهذا الدعاء لا یستجاب. تارک الصلاة لا حیثیة له عند الله حتی یجیبه الله سبحانه. شارب الخمر العیاذ بالله- لو دعا الله اربعین یوما صباحا و مساءا لا یجیبه الله. فالسعی للاصلاح، أنین اللیل خشیة لله، صلاة اللیل و... توجب ان یزیده الله فی الرزق و الحیثیة. اقامة الصلاة فی أول وقتها واحد من شروط استجابة الدعاء. فلو أخف أحد الصلاة و أخّر الصلاة عن أول وقتها من دون علة فهذا الشخص لا یستجاب له الدعاء. فالسعی فی جمیع الامور الفردیة و الاجتماعیة، من طلب الرزق، و اصلاح النفس و التذکیة، و الانفاق علی الأخرین، و الامر بالمعروف و النهی عن المنکر من اسباب استجابة الدعاء. قال علی علیه السلام:

الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ کَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ. (نهج البلاغة، الحکمة 337)

و تعرفون أنه لو لم یکن عند أحد وتر فلا یمکن له رمی السهم، کذلک لا یمکن ان یستجاب الدعاء بلا عمل صالح.

نستنتج من هذه الشروط الخمسة أنه لا ینبغی ان نجعل الدعاء مقام العمل و الاسباب الطبیعیة، بل یجب ان یکون الدعاء مقرونا بالعمل و الاسباب الطبیعیة، لان الدعاء مقوّی و مضیء و مؤمل، الدعاء یفتح الطریق لمن دعا، و یحول حیاته. جمیع اولیاء الله عاشوا مع الدعاء و حکموا القلوب بالدعاء. لو قرأتم الصحیفة السجادیة تعرفون ان فیها عالَمٌ من المعرفة و العبودیة. الدعاء یجدد معنویات الانسان و یصلحه. فی بعض الآیات الابتدائیة من سورة المؤمنین یعلمنا حاملو عرش الله طریقة الدعاء. من آداب الدعاء ان نسأله بأسمائه الحسنی و صفاته الجلالیة و الجمالیة و نسأله بعلمه و قدرته. فقال الله سبحانه:

الَّذينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ کُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبيلَکَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحيم‏. رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتي‏ وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّکَ أَنْتَ الْعَزيزُ الْحَکيم‏. وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيم‏. (المؤمنون، 7-9)

فنسأل الله بعلمه و رحمته لأنه لا حدّ لعلمه و لا لرحمته. فلو شئنا ان نهیّئ اسباب استجابة الدعاء فعلینا ان نتوب و نستغفره. یبیّن القرآن أن أنبیاء الله و أولیائه و ملائکته و عباده الصالحون کلما ارادوا ان یسألوا الله شیئا کانوا یدعونه ب"ربنا". رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَکُونَنَّ مِنَ الْخاسِرين‏. (الأعراف، 23)

رَبِّ اغْفِرْ لي‏ وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَ لِلْمُؤْمِنينَ وَ الْمُؤْمِنات‏. (نوح، 28)

رَبَّنَا اغْفِرْ لي‏ وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ. (ابراهیم، 41)

و هناک آیات عدیدة غیر هذه التی تعلمنا طریقة الدعاء و السؤال. نقل عن الامام الصادق علیه السلام: کل من اراد ان یسأل الله حاجة فلیسأله بکلمة "ربنا" فسوف یعطیه الله ما سأله. سُأل کیف نسأله بهذه الکلمة؟ فقال لو دعوتموه بآیات من آخر سورة آل عمران التی فیها کلمة "ربنا" (و هی اربعة آیات جاء فیها کلمة "ربنا" خمس مرات) فاستجاب لکم ربکم. و هذه الآیات حسب ما یلی:

رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَکَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ. رَبَّنا إِنَّکَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَ ما لِلظَّالِمينَ مِنْ أَنْصارٍ. رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادي لِلْإيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّکُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ کَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ. رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى‏ رُسُلِکَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّکَ لا تُخْلِفُ الْميعادَ. (آل عمران، 191-194)

ارجو الله ان یرزقنا توفیق ان نطهّر قلوبنا و ألسنتنا و نجتنب أکلات الحرام و نحافظ علی طعامنا، و نطهر حیاتنا بذکر الله.

اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.

الخطبة الثانیة للجمعة 9  فروردین 1398ش، الموافق 22 رجب 1440ق، الموافق 29  مارس 2019م. 
 

عباد الله اوصیکم و نفسی بتقوی الله. تقوی الله مفتاح الفلاح و النجاح و سبب العزة فی الدنیا و الآخرة للجمیع. فلنسأل الله ان یرزقنا توفیق التقوی.

فی هذا الاسبوع، نحن علی حافة ذکری استشهاد الامام السابع النجم الثاقب موسی بن جعفر علیه السلام. الیوم السابع و العشرون من شهر رجب هو یوم استشهاده علیه السلام. الامام موسی بن جعفر علیه السلام عاش کسائر الائمة الطاهرین علیهم السلام فی زمن مملو من الاختناق. و کانت تلک الفترة التي عاشها الامام الکاظم (عليه السلام) من اخطر الفترات التي عاشها المسلمون. و کان هذا الامام علیه السلام حسب ما نقل فی التواریخ فی السجن لمدة اربعة عشر سنة، و عاش فیه السجن بصعوبات کثیرة. وعلى الرغم من صعوبة الظرف السياسي وحراجته، وتضييق الحکام العباسيين على الامام موسى بن جعفر الکاظم عليه السلام، لم يترک مسؤوليته الشرعية والعلمية لتصحيح المسار الاسلامي الخاطئ، بمل ما يملک من معارف إلهية. و هدی العالَم الشیعی بعلاقات مخفیة. کانوا یتعاملون مع ائمتنا اهل البیت علیهم السلام بأقبح و اشد تعامل. لو اردتم ان تعرفوا ثمرات زحماتهم علیهم السلام، فیکفی ان تنظروا العالَم حتی تعرفوا ما هو عدد الذین یعبدون الله، کم شخصا من المؤمنین یقومون بالمناجات مع الله عز و جل، و کم شخصا من اشخاص العالم یحضرون صلاة الجمعة، تفهمون أن اضحیاتهم لم یفن بل هی باقیة بصورة ثمراتها.

نقل ان خلفاء بنی العباس عذّبوا الامام موسی بأشد عقوبات، الی حد جاؤوا لتعذیبه علیه السلام بمغنیة معروفة قلیلة الحیاء من بغداد. و قیل لها ادخلی السجن و افعلی کل ما تستطیعین فعله لإغراء ابن فاطمة. لکنها اذا دخلت السجن و سمعت أنین الامام علیه السلام خشیة لله سبحانه، و رأت أن الامام علیه السلام وضع خدّه علی التراب و یأنّ و یبکی خشیة لله عز و جلّ و یقول:

اللّهم إني أسئلک الراحة عند الموت و العفو عند الحساب‏. (بحرانى، سيد هاشم بن سليمان‏، حلية الأبرار في أحوال محمّد و آله الأطهار عليهم السلام‏، 4/249)

فتأثرت و انصرفت عما قد ارسلت له و جاء فی الروایة أنها وقعت علی الارض و وضعت خذها علی التراب و أخذت تقول ما سمعت عن الامام علیه السلام: اللّهم إني أسئلک الراحة عند الموت و العفو عند الحساب‏. ثم خرجت من السجن و اعترضت علی الذین ارسلوها الی السجن لتؤذی الإمام علیه السلام. أیها الأعزاء! هؤلاء أسوتنا. تدبروا فی ما قال الله النبی صلی الله علیه و آله و سلم فی آخر لحظات حیاته، فجاء فی روایة: عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ أَ لَا أَدُلُّکُمْ عَلَى مَا إِنْ تَمَسَّکْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَداً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَذَا عَلِيٌّ أَخِي وَ وَصِيِّي وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي وَ خَلِيفَتِي إِمَامُکُمْ فَأَحِبُّوهُ لِحُبِّي وَ أَکْرِمُوهُ لِکَرَامَتِي فَإِنَّ جَبْرَئِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أَقُولَهُ لَکُمْ. (ابن بابويه، محمد بن على‏، الأمالی، 477)

و جاء فی روایة أخری عنه صلی الله علیه و آله و سلم: إِنِّي تَارِکٌ فِيکُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّکْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الْآخَرِ، کِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى  الْأَرْضِ، وَ عِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَانْظُرُوا کَيْفَ تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا. (خصيبى، حسين بن حمدان‏، الهدایة الکبری، 18)

فالقرآن و العترة یهدیان من طلب الهدایة. و لکن کثیرا من الناس لم یطلبوا الهدایة فلم یستفیدوا من هذا النظام الالهی للهدایة منهم حکام بنی العباس. فعذبوا الامام الکاظم علیه السلام بطرق شتی. کان الشیعة ینتظرون أنه سوف یأتی یوم ینطلق الامام علیه السلام من السجن، و لکن مع الاسف الشدید، لا یأت ذلک الیوم، و لم یخرج الامام علیه السلام من السجن الا میتا. اتمنی ان نکون شیعة النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم و عترته و اتباعهم. و نسأل الله ان ینصر أمة النبی المصطفی صلی الله علیه و آله و سلم و یزید علی عزتها و شرفها.

ارجو الله ان یجعل عاقبتنا خیرا، اللهم اجعل عواقب امورنا خیرا، اللهم انصر الاسلام و أهله و اخذل الکفر و النفاق و أهله، اللهم صل علی محمد و آل محمد، اللهم عجل لولیک الفرج و العافیة و النصر.