۱۳۹۸/۱/۱۵   7:3  زيارة:1555     ارشیو خطبات نماز جمعه


01 الرجب 1440ق، الموافق 08 مارس 2019م

 


الخطبة الاولی للجمعة 17  اسفند  1398ش، الموافق 1 رجب 1440ق، الموافق 8  مارس 2019م.

بسم الله الرحمن الرحیم.

قال الله تبارک و تعالی: وَ الَّذينَ جاهَدُوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنين‏. (العنکبوت، 69)

فی الخطب الماضیة بدئنا بحثا تحت عنوان الإیمان، و ذکرنا بعض شرائط الایمان، و الیوم ارید ان ألخّص جمیع ما ذکرته فی الاسابیع الماضیة، لکی یتم البحث.

قلنا ان البرّ لیس تولّی الوجه قبل المشق أو المغرب و انما المراد من البرّ هو شیئ آخر. فقال الله تبارک و تعالی:

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَکُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لکِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِکَةِ وَ الْکِتابِ وَ النَّبِيِّينَ وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساکينَ وَ ابْنَ السَّبيلِ وَ السَّائِلينَ وَ فِي الرِّقابِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّکاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حينَ الْبَأْسِ أُولئِکَ الَّذينَ صَدَقُوا وَ أُولئِکَ هُمُ الْمُتَّقُون‏. (البقرة، 177)

فأصل البرّ الایمان، فإذا لم یکن الایمان فی البین، فلا معنی للبرّ. فالمؤمن اذا اکمل اصول ایمانه، و عرف ما یجب علیه معرفته، فیبدأ بالعمل، و یدخل ساحة العمل. و قلنا ذیل هذه الآیة أن الله تبارک و تعالی ذکر بعد الایمان الامور الاجتماعیة. و هذا معناه أن الایمان اذا کمل و دخل فی القلب و رسخ فی جمیع الاعضاء و الجوارح، و ظهر آثاره فی حیاة الانسان الفردیة، فهنا یدخل الانسان فی الساحات الاجتماعیة، کما رأینا فی الآیة قال تعالی: وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساکينَ وَ ابْنَ السَّبيلِ...

فمن کمُل ایمانه، ینفق و یقیم الصلاة. الصلاة أمر مهم جدا. هی سبب جمیع ما یمکن ان یفتخر به العبد المؤمن. الصلاة هی اظهار ما اعتقد به عبد الله فی قلبه. ثم قال تعالی: وَ آتَى الزَّکاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حينَ الْبَأْسِ...

فهذا هو المؤمن البارّ. الانسان البارّ لا یفرّ عن المشاکل و البلایا، بل یصبر و یحاول حلّ المشاکل. فمن أکمل هذه الصفات الحسنة فی وجوده، فیمدحه الله تعالی و یقول:

أُولئِکَ الَّذينَ صَدَقُوا وَ أُولئِکَ هُمُ الْمُتَّقُون‏.

هناک کثیر من الناس یصلون، و یصومون، و یؤتون الزکاة و ینفقون فی سبیل الله و یفعلون الخیر، و لکن اذا لم یکن لهم معتمد اعتقادی وثیق، فنفس هؤلاء الذین یصلون و یصومون و و و..،  یغتابون، و یتهمون الناس من غیر دلیل، یجمعون أموال الشبهة و یأکلونها و... و لکن بحثنا لیس حول هکذا الاشخاص، و انما بحثنا حول المؤمن، فهو یتبرئ من جمیع هذه الرزائل الاخلاقیة و یکون فردا مقدسا مجاهدا یجاهد فی سبیل الله و یحارب جمیع ما یقال له معصیة او رزیلة أخلاقیة و یحارب کل ما کان منافیا لإیمانه و أعماله الحسنة.

و قد ذکر الله عز و جل فی بعض آیات القرآن آثار و فوائد الایمان. ذکرنا أن للایمان آثار علی المؤمن، منها حسن الظن بالنسبة لعالَم الخلقة و عالم الوجود. فهو یأمن بجمیع ما وعده الله به. و ایضا من آثار الایمان أن المؤمن یتنور قلبه بنور معرفة الله فلا ییئس فی حال من الاحوال، فکأنه یری مستقبله، الرجاء أمر مهم جداّ، هو لا یتعب عن العمل، هو دائما یسلک الی الله و یستنصره تعالی و یسئله الاطمئنان. و الاطمئنان من أعظم نعم الله تعالی لعباده. فقال تعالی:

الَّذينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِکْرِ اللَّهِ أَلا بِذِکْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. (الرعد، 28)

فإذا لم یکن الاطمئنان، فیصعب الحیاة علی الانسان. القلب المملو من الاضطراب لا یقدر ان یمشی فی طریق الحیاة. فالایمان کما اشرنا الیه یُصلح العلاقات الاجتماعیة و یجعل الناس فیما بینهم صدیقا و یؤلف بین قلوبهم، و بالنتیجة لا ییئس الانسان فی اکبر البلایا و المصیبات. و أیضا المؤمن اذا تُلی علیه القرآن یخضع لله سبحانه و یزداد ایمانه، فقال تعالی:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذينَ إِذا ذُکِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إيماناً وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَکَّلُون‏. (الأنفال، 2)

فالمؤمنون یحاولون فی سبیل الله بکل ما استطاعوا، و لکنهم لا یتکلون علی محاولاتهم، و انما یتکلون علی رحمة الله سبحانه و کرمه فهم یتوکلون علی الله فی جمیع أمورهم.

من النکت التی ذکرت فی الاسابیع الماضیة حول الایمان، هو التحدید فی العقائد و الایمان، و قلنا الایمان یمکن ان ینوع الی نوعین: الایمان المبنی علی المعرفة و الایمان الاعمی.

مثل الایمان المبنی علی المعرفة کمثل النهر، یغسّل و یذهب بصاحبه الی الهدف. فهو کالماء الطاهر الذی هو متصل بخزائن الماء المخزونة تحت الارض، فهذا الماء لا یَفسُد و یبقی طاهرا صافیا. و أما الایمان الاعمی کماء فی حفرة الذی یفسد فی مدة قلیلة ثم یفنی. الایمان الاعمی یجف القلب فکأنه لا یفهم شیئا، الایمان الاعمی یبدل الرجاء یأسا. الایمان الاعمی یجعل الانسان عبدا للشیطان، الایمان الاعمی یشغل حیاة الانسان بمحرمات الله و یأخذ منه فرصة الحیاة الطاهرة. فلذا قلنا إن الذین آمنوا عارفین، فهم یثبتون علی ایمانهم و اعتقاداتهم و لا یرتکبون الحرام و المعصیة. فهؤلاء لا یغتابون أحدا، لا یکذبون، و لا یثلمون الصیب، و لا یهجمون حیثیات الناس و و...

و ایضا قلنا إنه یجب ان یکون الایمان مثمرا للعمل و التعهد. نحضر هذا المکان المقدس لکی یجعل الله لنا نصیبا من انواره القدسیة، و یقوّی قلوبنا، و یطهرنا و یجعلنا فی واد مقدس. فهذا الایمان هو الذی یحث صاحبه علی الخضوع لله سبحانه. فقال الله سبحانه:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّکُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُون‏. (الحج، 77)

فنهایة هکذا الایمان و التدین الفلاح و النجاح.

من النکت المهمة التی ذکرناها فی الخطب الماضیة هی اقتران الایمان بالوفاء بالتعهد. فلو فرضنا أن جمیع افراد مجتمع یوفون ما عاهدوا، فهل فی هکذا المجتمع نحتاج الی المحکمة و القاضی؟ أو الی مجری النظام و ؟؟؟ کلا! لا نحتاج الیها فی هکذا المجتمع، لأن الایمان یهدی ذویه الی الخیر، و الصلاح، و الصدق، و الوفاء بالعهد، و محبة الآخرین و ... و هذا هو الایمان الحقیقی. قال الله تعالی:

إِنَّما کانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْکُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُون‏. (النور، 51)

البحث الأخیر الذی ذکرناه فی الأسابیع الماضیة هو بحث البشارات التی بشّر الله بها عباده المؤمنین. فقد تلونا لکم فی هذا المجال بعض الآیات. منها:

يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَکُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْکُمْ نُوراً مُبيناً. (النساء، 174)

فالله الکریم یعطی المؤمنین نورا تتنور به قلوبهم و جمیع وجودهم.

البشارة الثانیة هی: يَهْدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْديهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقيم‏. (المائدة، 16)

کل واحد منا یرید أن یهدیه الله الی الصراط المستقیم، و کل یدعوا فی صلواته عدة مرات فی کل یوم أن یهدیه الله الی الصراط المستقیم. هذا أملنا و تمنینا. فالله تعالی قال انا أهدی الی الصراط المستقیم من آمن بی ایمانا کاملا شاملا خالصا و اتبع رضوانی و سبل السلام.

و قال تعالی: إِنَّ الَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْديهِمْ رَبُّهُمْ بِإيمانِهِمْ تَجْري مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ في‏ جَنَّاتِ النَّعيمِ. (یونس، 9)

فالله العزیز وعد المؤمنین الجنة التی تجری من تحتها الأنهار.

الوعد الأخیر الذی ذکرناه فی الخطب الماضیة، هو الهدایة الی سبل الله و معیة الله تبارک و تعالی للمحسنین. فقال تعالی:

وَ الَّذينَ جاهَدُوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنين‏. (العنکبوت، 69)

فوعد الله عز و جل أن الانسان المؤمن و المحسن لا یفشل فی حیاته، لأنه تعالی سوف یهدیه الی سبله و ینصره فی طریق حیاته. فالانسان المؤمن لا یدخله الله النار. فلتطمئنّ قلوب المؤمنین لأن الله عز و جل وعدهم الهدایة الی سبل الحق. و هذا ما قاله تعالی:

الَّذينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِکْرِ اللَّهِ أَلا بِذِکْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب‏. (الرعد، 28)

فعاقبة الایمان الاطمئنان الکامل الذی لا اضطراب بعده. و لهذا نری أن مولانا أمیر المؤمنین علی ابن ابی طالب علیه السلام عندما انشق رأسه علیه السلام فی محراب العبادة بضربة اشقی الاولین و الآخرین لم یبک و لم یأنّ، بل قال: فُزْتُ وَ رَبِّ الْکَعْبَةِ. (طبرسى، فضل بن حسن‏،  إعلام الورى بأعلام الهدى‏، 87)

هو إمام و قرآن ناطق و نور الهی، و الامام لا یبالغ فی کلامه، و لا یکذب، فما قاله علیه السلام حق لا شکّ فیه و لا ریب. فکلام الامام هذا لیس الا لکمال إیمانه، لأن الایمان یطمئن القلوب، و یعطی الانسان الامن و الراحة.

ارجو الله ان یجعلنا من المؤمنین و یجعل عاقبتنا خیرا.

اللّهُمَّ وَ أَقِمْ بِهِ الْحَقَّ، وَ أَدْحِضْ بِهِ الْباطِلَ، وَ أَدِلْ بِهِ أَوْلِيائَکَ، وَ أَذْلِلْ بِهِ أَعْداءَکَ، وَ صِلِ اللّهُمَّ بَيْنَنا وَ بَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدِّي إِلى‏ مُرافَقَةِ سَلَفِه‏ وَ اجْعَلْنا مِمَّنْ‏ يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ، وَ يَمْکُثُ فِي ظِلِّهِمْ، وَ أَعِنَّا عَلى‏ تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْه‏.

اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.

الخطبة الثانیة للجمعة 17  اسفند  1398ش، الموافق 1 رجب 1440ق، الموافق 8  مارس 2019م.

عباد الله اوصیکم و نفسی بتقوی الله الذی هو خیر رأس المال و خیر زاد.

فی هذه الخطبة أتکلم حول بعض المناسبات. أولها: شهر رجب المرجب. ابارک لکم اجمعین حلول هذا الشهر المبارک. ارجو الله ان یرزقنا توفیق العبادة و العبودیة فی هذا الشهر. تعرفون أن لشهر رجب فضیلة عظیمة. قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم:

أَلَا إِنَّ رَجَباً شَهْرُ اللَّهِ الْأَصَمُّ وَ هُوَ شَهْرٌ عَظِيمٌ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْأَصَمَّ لِأَنَّهُ لَا يُقَارِبُهُ شَهْرٌ مِنَ الشُّهُورِ حُرْمَةً وَ فَضْلًا عِنْدَ اللَّهِ وَ کَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعَظِّمُونَهُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ لَمْ يَزْدَدْ إِلَّا تَعْظِيماً وَ فَضْلا ً أَلَا إِنَّ رَجَباً شَهْرُ اللَّهِ وَ شَعْبَانَ شَهْرِي وَ رَمَضَانَ شَهْرُ أُمَّتِي. أَلَا فَمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْماً إِيمَاناً وَ احْتِسَاباً اسْتَوْجَبَ رِضْوَانَ اللَّهِ الْأَکْبَرَ وَ أَطْفَأَ صَوْمُهُ فِي ذَلِکَ الْيَوْمِ غَضَبَ اللَّهِ وَ أَغْلَقَ عَنْهُ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ ... إِنْ دَعَا بِشَيْ‏ءٍ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا أَعْطَاهُ اللَّهُ وَ إِلَّا ادَّخَرَ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ أَفْضَلَ مَا دَعَا بِهِ دَاعٍ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَ أَحِبَّائِهِ وَ أَصْفِيَائِهِ وَ مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمَيْنِ لَمْ يَصِفِ الْوَاصِفُونَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْکَرَامَةِ وَ کُتِبَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ عَشَرَةٍ مِنَ الصَّادِقِينَ فِي عُمُرِهِمْ بَالِغَةً أَعْمَارُهُمْ مَا بَلَغَتْ وَ شُفِّعَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مِثْلِ مَا يُشَفَّعُونَ فِيهِ وَ يَحْشُرُهُ مَعَهُمْ فِي زُمْرَتِهِمْ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ يَکُونَ مِنْ رُفَقَائِهِمْ- وَ مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّارِ خَنْدَقاً أَوْ حِجَاباً طُولُهُ‏ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عَاماً وَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ إِفْطَارِهِ لَقَدْ وَجَبَ حَقُّکَ عَلَيَّ وَ وَجَبَتْ لَکَ مَحَبَّتِي وَ وَلَايَتِي أُشْهِدُکُمْ يَا مَلَائِکَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّر... (ابن بابويه، محمد بن على‏، ثواب الأعمال و عقاب الأعمال‏، 54)

و قال ابو الحسن موسی بن جعفر علیه السلام: رَجَبٌ شَهْرٌ عَظِيمٌ يُضَاعِفُ اللَّهُ فِيهِ الْحَسَنَاتِ وَ يَمْحُو فِيهِ السَّيِّئَاتِ مَنْ صَامَ يَوْماً مِنْ رَجَبٍ تَبَاعَدَتْ عَنْهُ النَّارُ مَسِيرَةَ سَنَةٍ وَ مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. (ابن بابويه، محمد بن على‏، من لا يحضره الفقيه‏، 2/92)

و تعرفون أن لهذا الشهر أعمال و عبادات کثیرة قد نقلت، الی حد لو ترک أحد جمیع أموره و نشاطاته و اشتغل بأعمال رجب، لا یستطیع ان یؤدی جمیع أعماله. فلنسعی مهما استطعنا.

و قد ورد فی روایة عن الامام الصادق علیه السلام: قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم رَجَبٌ شَهْرُ الِاسْتِغْفَارِ لِأُمَّتِي‏  أَکْثِرُوا فِيهِ الِاسْتِغْفَارَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيم‏ وَ سُمِّيَ شَهْرُ رَجَبٍ شَهْرَ اللَّهِ الْأَصَبَّ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ عَلَى أُمَّتِي تُصَبُّ صَبّاً فِيهِ، فَقُولُوا: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ.. (مجلسى، محمد باقر بن محمد تقى‏، زاد المعاد، 12)

فطوبی لمن استغفر ربه فی هذا الشهر. و من الأعمال المتسحبة التی ورد الحثّ الأکید و الثواب الجزیل علیها فی هذا الشهر هی زیارة ثامن الحجج علی ابن موسی الرضا علیه السلام. فجاء فی روایة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَدَخَلَ مُتَمَتِّعاً بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَأَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى عُمْرَتِهِ وَ حَجِّهِ ثُمَّ أَتَى الْمَدِينَةَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم ثُمَّ أَتَاکَ عَارِفاً بِحَقِّکَ يَعْلَمُ أَنَّکَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ بَابُهُ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ فَسَلَّمَ عَلَيْکَ ثُمَّ أَتَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ علیه السلام فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَى بَغْدَادَ وَ سَلَّمَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى علیه السلام ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بِلَادِهِ فَلَمَّا کَانَ فِي وَقْتِ الْحَجِّ رَزَقَهُ اللَّهُ الْحَجَّ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ هَذَا الَّذِي قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ يَرْجِعُ أَيْضاً فَيَحُجُّ أَوْ يَخْرُجُ إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى أَبِيکَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى علیه السلام فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ قَالَ لَا بَلْ يَأْتِي خُرَاسَانَ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ علیه السلام أَفْضَلُ وَ لْيَکُنْ ذَلِکَ فِي رَجَبٍ وَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلُوا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِنَّ عَلَيْنَا وَ عَلَيْکُمْ مِنَ السُّلْطَانِ شُنْعَةً. (کلينى، محمد بن يعقوب‏، الکافی، 9/336)

و أیضا من الأعمال المستحبة فی هذا الشهر العمرة. فجاء فی روایة: وَ اعْتَمَرَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ علیه السلام فِي رَجَبٍ فَکَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْکَعْبَةِ عَامَّةَ لَيْلِهِ وَ نَهَارِهِ وَ يَسْجُدُ عَامَّةَ لَيْلِهِ وَ نَهَارِهِ وَ کَانَ يُسْمَعُ مِنْهُ فِي سُجُودِهِ- عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِکَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِکَ لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا مُدَّةَ مُقَامِهِ. (طوسى، محمد بن الحسن‏، مصباح المتهجّد و سلاح المتعبّد، 2/801)

اللهم قد جاء الیک عبدک و معه کبائر من الذنوب کثیرة، ان کان قد عظم الذنب من عبدک فلیحسن العفو من عندک.

المناسبة الثانیة لهذا الیوم هی ولادة الامام الباقر علیه السلام، فأبارک لکم الأعزاء جمیعا.

و ایضا من مناسبات هذا الشهر هو ذکری استشهاد المجاهد الکبیر السید جمال الدین اسد آبادی.

و أیضا من مناسبات هذا الشهر ذکری «تأسیس کانون های فرهنگی هنری در مساجد کشور» أی «تأسیس المراکز الثقافیة و الحرفیة فی مساجد الجمهوریة الاسلامیة». قال مؤسس الجمهوریة الاسلامیة آیة الله العظمی الامام الخمینی ره:

لا ینحصر دور المساجد فی أن یأتیها الأشیاخ، و الشباب و النساء و الآباء و الأمهات و لا ینبغی ان نحصره فی هذا. إنّ دور المساجد دور اساسی فی حیاتنا، فهی ملجأنا. و هی علی تعبیر المعصوم علیه السلام بیوت الله فی الارض. فجاء فی روایة ٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْکُمْ بِإِتْيَانِ الْمَسَاجِدِ فَإِنَّهَا بُيُوتُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَ مَنْ أَتَاهَا مُتَطَهِّراً طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ کُتِبَ مِنْ زُوَّارِه‏. (ابن بابويه، محمد بن على‏، الأمالی، 359)

فالمساجد یجب ان تکون ملجأنا، و موقع أمننا. و علینا ان نأتی بأطفالنا الی المساجد من طفولتهم لکی یتربوا علی قیم اسلامیة. یربّون الاطفال بالحاسوب و الانترنت و التلفاز و و و ... و لکن هذه الوسائل لا تعلمونهم الآداب الاسلامیة و هی هامة جدا. فعلی المسلمین اجمعین ان یأتوا بأطفالهم الی المساجد حتی یفهم الاطفال أهمیة المسجد. انظروا الی تعبیر الامام الراحل ره: المسجد دار ضیافة لله سبحانه فی الارض، هی محل نزول برکات السماء و خیرات السماء، هی بیت المناجات، و المحبة و الصفاء و الایثار و هی تجلّی جنّة الله علی الارض و محل اطمئنان الموحدین، و الارض التی وقعت المساجد فیها، هی من افضل قطع الارض، و تجالس الملائکة مع أهل المسجد. فلا ینبغی أن نصغّر انفسنا. علی تعابیر جمیع الانبیاء و الائمة و الاولیاء، نحن الآن فی حصار من الملائکة، فهم یحفظوننا و یحافظون عنا. و لهذا قد أسست المراکز الثقافیة و الحرفیة فی مساجد الجمهوریة الاسلامیة. و فی الحقیقة لم نؤسس هذه المراکز الثقافیة و الحرفیة فی المساجد، و هی قد أسست فی عصر النبی صلی الله علیه و آله و سلم، فلم نؤسس هذه المراکز، و انما أحییناها. و الیوم بحمد الله نشاطات عدیدة اسلامیة و قرآنیة تقوم بها المساجد. جمیع المؤمنین و المجاهدین و المعتقدین بالله و محبّی أهل بیت النبی صلی الله علیه و آله و سلم قد تربوا فی المساجد. فلنستفد من المساجد أکثر فأکثر. و اعلموا ان المساجد یتعلق بجمیع المسلمین و لا تختص بفرقة خاصة فلنستفد منها اجمعین معا. و لنتعلم الحِرَف الاسلامیة التی أکد بها الاسلام من المساجد و لنعلّمها أطفالنا.

و المناسبة الأخیرة هی ذکری استشهاد الامام العاشر الامام علی بن محمد النقی علیه السلام الیوم الثالث من رجب. فأعزی صاحب العصر و الزمان و إیاکم بذکری استشهاده علیه السلام. و ارجو الله ان یجعلنا من محبیه علیه السلام، و یسجل اسمائنا فی أمة النبی الاکرم صلی الله علیه و آله  و سلم و محبی أهل البیت علیهم السلام و أتباعهم.

اللهم اجعل عاقبة أمورنا خیرا، اللهم اغفر ذنوبنا، اللهم انت ستار العیوب فاستر عیوبنا و احفظ حیثیتنا و سمعتنا فی الدنیا و الآخرة، اللهم اجعل لنا نصیبا من جمیع برکات نبیک صلی الله علیه و آله و سلم و أهل بیته الطاهرین علیهم السلام. اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.