۱۳۹۷/۵/۱۰   7:39  زيارة:1270     ارشیو خطبات نماز جمعه


اُقيمت صلاة الجمعة هذا الاسبوع 06شهرذی القعده 1439 مطابق 20/07/2018 بامامة حجة الاسلام سیدحسینی دام عزه

 


بسم الله الرحمن الرحیم.

أیها الإخوة و الأخوات الأعزاء! أرحبکم فی مسجد الإمام الحسین علیه السلام و اوصیکم و ایای بتقوی الله.

کان بحثنا فی الجمعات الماضیة حول صفات المتقین فی ضوء کلام الأمام السجاد علیه السلام فی الدعاء العشرین من الصحیفة السجادیة و قد تکلمنا عن بعض الصفات فی الجُمَع الماضیة. الیوم سأذکر لکم صفة أخری من تلک الصفات.

یقول الإمام السجاد علیه السلام ذاکرا صفات أخری للمتقین: و ألبسنی بزینة المتقین و ستر العائبة.

فلو رأینا عائبة فی أخ مؤمن أو أخت مؤمنة، أو جار أو فی أی واحد من المسلمین فلا یجوز لنا أن نفشی عائبتهم. من علامات التقوی ستر العیوب. الله ستار العیوب، فیحب أن نستر عیوب الآخرین. و هذا الأصل یجری فی کل مجالات الحیاة حتی فی داخل البیت و خارجه، فی الادارة، و أی مجال آخر. قد ذکر الأمام علی علیه السلام هذه النکتة کأصل تربوی. مضمون کلامه علیه السلام: لو فهم الأم أنّ إبنها أو ابنتها یمارس أمرا غیر مطلوب أو یفعل ذنبا فینبغی لها أن تخبر أباهما بصورة کاملة و لکن الأب إذا أراد أن ینبه أو یذمّهما علی ما فعلا فالاولی أن لا یخبرهما کل ما أخبرته أمهما، و لا یقول لهما أنا أعرف کل ما فعلتم، بل یخفی بعض ما یعرف عنهما. لان الطفل یخاف فی نفسه و یقول: ابونا لا یعرف الامر بکامله فذمنی کذلک فلو عرف خطیئتی بکاملها فماذا یفعل. و هکذا یخاف فی نفسه و یترک الخطیئة و لا یتجری ان یعود الیها مرة أخری. و هذه نکتة مهمة تربویة نعرفها من سیرة الامام علی علیه السلام. قال الامام علیه السلام: لو ذُکر له کل ما فعل فیتجری علی الذنب و المعصیة و الخطیئة. فستر العائبة هی إحدی من مصادیق التقوی.

الیوم یوم خامس من شهر مرداد موافقا للتقویم الهجریة الشمسیة فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، و فی هذا الیوم قد اقیمت صلاة الجمعة الاولی بعد نجاح الثورة الجمهوریة الإسلامیة فی إیران فی سنة 1358 بإمامة آیة الله المرحوم طالقانی ره. فبمناسبته سأتکلم عن صفة مهمة للمتقین و هی منزلة الاجتماع فی الإسلام و أهمیة دور المسلمین فی الأمور الاجتماعیة کلها و من جملتها الحضور لصلاة الجمعة.

قال الله تعالی فی القرآن الکریم فی آیة 120 من سورة التوبة: ما کانَ لِأَهْلِ الْمَدينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ لا يُصيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ في‏ سَبيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغيظُ الْکُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ کُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنين‏.

فالله تعالی یکتب الحضور فی أیّ اجتماع الاسلام عملا صالحا و یجعل لهم علیه اجر المحسنین. و   الاجتماع لصلاة الجمعة هو أحد هذه الاجتماعات. قال الله تعالی:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِکْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ ذلِکُمْ خَيْرٌ لَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُون‏.

فالله تعالی قد أمرنا أن نحضر فی المسجد لصلاة الجمعة کلما نودینا لها، و أن نترک کل ما ینافیها.

و بعد ذلک یقول الله تعالی: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ اذْکُرُوا اللَّهَ کَثيراً لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ.

فی هذه الآیة قد أمرنا الله تعالی أن نذکره کثیرا و من مصادیق الذکر الکثیر تسبیح فاطمة الزهراء سلام الله علیها. و هذا التسبیح لا یختص بالصلوات الواجبة الیومیة بل کلما شئتم أن تذکروا الله کثیرا فسبحوا الله بهذا التسبیح.

ثم یقول الله تعالی: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَکُوکَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقين‏.

ذکر المفسرون فی شأن نزول هذه الآیة الشریفة أنّه کان رسول اللَّه صَلى اللّه عليه و سلم يخطبُ يومَ الجُمعة، إذ أقبلتْ عِير قد قَدِمَتْ (من الشام‏) فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشرَ رجلًا. فأنزل اللَّه تبارک و تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَکُوکَ قائِماً.

سئل ابن مسعود: أنّ النبی صلی الله علیه و آله و سلم کان یخطب یوم الجمعة قائما أو قاعدا؟ فقال: أ لم تقرأ هذه الآیة: و ترکوک قائما.

و فی روایة أخری: قال ابن عباس، في قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَکُوکَ قائِماً: إن دحية الکلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فمضى الناس إليه، إلا علي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليها الصلاة و السلام) و سلمان و أبو ذر و المقداد و صهيب، و ترکوا النبي (عليه السلام) قائما يخطب على المنبر، فقال النبي (عليه السلام): «لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت المدينة على أهلها نارا، و حصبوا بالحجارة، کقوم لوط» و نزل فيهم: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ.

أذکر لکم فیما یلی بعض آثار صلاة الجمعة و بعض خسارات ترکها:

الأول: من یصلی الجمعة یغفر الله ذنوبه و یجعله کما لم یکن له ذنب.

ورد فی الروایة عن النبی الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم : مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ إِيمَاناً وَ احْتِسَاباً اسْتَأْنَفَ الْعَمَلَ.

الثانی: صلاة الجمعة هی حج المساکین. ففی روایة عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ص يُقَالُ لَهُ قُلَيْبٌ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَهَيَّأْتُ إِلَى الْحَجِّ کَذَا وَ کَذَا مَرَّةً فَمَا قُدِّرَ لِي فَقَالَ لَهُ يَا قُلَيْبُ عَلَيْکَ بِالْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا حَجُّ الْمَسَاکِينِ.

فأیها الأخوة و الأخوات الاعزاء، لا تغفلوا عن صلاة الجمعة فان لها ثواب الحج و صلاة العصر لها ثواب العمرة.

و الثالث من فوائد صلاة الجمعة هو حرمة جسد مصلی الجمعة علی النار.

قد ورد فی روایة عن الإمام الصادق علیه السلام یقول: مَا مِنْ قَدَمٍ سَعَتْ إِلَى الْجُمُعَةِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهَا عَلَى النَّارِ.

أما بعض خسارات ترک صلاة الجمعة فأذکر لکم بعضها:

الاول: یطبع الله علی قلبه: ورد فی روایة عن الإمام الصادق و الباقر علیهما السلام:

مَنْ تَرَکَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثاً مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ.

فمن طبع الله علی قلبه لا یستطیع أن یتعلم معارف الدین و معالمه. (کما یقول الله تعالی: وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ کَثيراً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِکَ کَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِکَ هُمُ الْغافِلُون‏)

الثانی: یکتب منافقا: فکل من یدعی الایمان، یجب ان یکون قلبه و لسانه متحدین.

عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: مَنْ تَرَکَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثاً مُتَتَابِعَةً لِغَيْرِ عِلَّةٍ کُتِبَ مُنَافِقاً.

الثالث: من ترک الجمعة فتذهب البرکة من حیاته:

أصل الجمعة هی من شؤون النبی صلی الله علیه و آله و سلم. لما هجر النبی صلی الله علیه و آله و سلم من مکة إلی المدینة، وصل یوم أحد إلی قبا فبنی فی قبا مسجدا و اقام هناک أربعة ایام  من یوم أحد إلی الخمیس. و یوم الخمیس مشی الی المدینة و صلی الصلاة الجمعة الاولی فی المدینة فی منطقة بنی سالم. و بعد وفات رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم انتقل هذا الشأن إلی ائمة الطاهرین علیهم السلام. یقول الامام السجاد علیه السلام فی الدعاء الاربعین من الصحیفة السجادیة: َ اللَّهُمَّ هَذَا مَقَامُ خُلَفَائِکَ وَ أَصْفِيَائِکَ وَ مَوَاضِعُ أُمَنَائِکَ الَّذِينَ خَصَصْتَهُمْ

الا إنّ صلاة الجمعة مهمة جدا. فی روایة عن النبی صلی الله علیه و آله مضمونها: الناس موظفون ان یجعلوا إمام جمعتهم قبلة لهم. ای یلزم ان یکون نظرهم إلی الامام کالصلاة. قال الامام الراحل ره فی التحریر: إمام الجمعة موظف أن یشرح مسائل عالم الاسلام مع توصیة التقوی و المسائل الاخلاقیة.

قد هیّأ الله تعالی و نبیه الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم لنا هذه الفرص. فنجتمع فی کل یوم ثلاثا للصلوات الیومیة و کذا فی یوم الجمعة و العید و الحج. و لکننا المسلمین لا نستفید من هذه الاجتماعات الاسلامیه کما ینبغی.

اللهم اجعل قلب نبیک الاکرم منا راضیا و اجعلنا له مطیعا و تابعا.

بسم الله الرحمن الرحیم.

اللهم اجعل لنا نصیبا فی دعاء إمام زماننا و سلامه و أوصل سلامنا إلیه.

أوصینی و إیاکم ایها الاخوة و الاخوات العزاء بالتقوی.

المراد من التقوی هو فعل الواجبات و ترک المحرمات. قال الشیخ المرحوم عباس القمی فی کتابه منازل الآخرة: یوم القیامة عدة مواقف للحساب و منها مواقف الواجبات، فیسئل عن الواجبات فی ذلک المواقف. فی موقف عن الصلاة، فی أخری عن الصوم و فی الثالث عن الزکوة، عن احترام الوالدین، عن الحج و هکذا....

ارید ان اعرض توضیحا مختتصرا فی الخمس الذی هو من أهم الواجبات. یجب علینا أن نعین فی السنة یوما واحدا کیوم خمسی. فبعد ان تم السنة و جاء ذلک الیوم الخمسی فننظر إلی کل ما بقی من السنة الماضیة من الغلات و النقود و غیرهما. فی الثلاجة، فی الصندوق، فی الرصید المصرفی و هکذا.... فکل ما بقی من السنة الماضیة فخمسه لیس ملکنا بل هو لفقراء السادات و مساکینهم. فلو اردنا ان ننفق منها فلا یحقنا ذلک لأنه لیس ملکنا و ذلک کاننا نرید أن ننفق من مال الآخرین بدون اذنهم. فلو انفق أحد من ذلک المال بدون أن یؤدی خمسه، فکأنه انفق من مال الآخرین او من ملک مشاع، و ذلک لا یجوز بداهة.

ایها الاخوة و الأخوات الاعزاء! اذکرکم بثلاث:

من الواجبات فی الشریعة الاسلامیة صلاة الآیات لعدة اسباب منها خسوف القمر. من ابتداء حدوث خسوف القمر إلی أن یکمل الخسوف نصلی صلاة الآیات بنیة الاداء و بعد ذلک ای من ابتداء زوال الخسوف یقول الفقهاء نصلی بدون نیة الاداء و القضاء و لکن آیة الله السیستانی (دامت برکاته) یقول نصلی بنیة الاداء فی ذلک الوقت ایضا. و بعد أن انتهی الخسوف فنصلی بنیة القضاء.

و أما کیفیة صلاة  الآیات: فلها عدة اسالیب اذکر لکم أسهلها.

صلاة الآیات رکعتان، فی کل واحدة منها خمسة رکوعات. ینتصب بعد کل واحد منها، و سجدتان بعد الانتصاب من الرکوع الخامس، و یتشهد بعد اکمال الرکعتین ثم یسلم. و تفصیل ذلک ان یحرم مقارنا للنیة (أصلی صلاة آیة الخسوف أداءا او قضاءا قربة إلی الله) کما فی سائر الصلوات. ثم یقرأ الحمد و یقسم سورة من القرآن بخمسة حصص و یقرأ منها الحصة الاولی (مثلا: بسم الله الرحمن الرحیم، انا انزلناه فی لیلة القدر)، ثم یرکع، ثم یرفع رأسه منتصبا فیقرأ الحصة  الثانیة من السورة بدون أن یقرأ الحمد (و ما ادریک ما لیلة القدر)، ثم یرکع ثانیا، ثم یرفع رأسه منتصبا فیقرأ الحصة الثالثة (لیلة القدر خیر من الف شهر)، ثم یرکع ثالثا، ثم یرفع رأسه منتصبا فیقرأ الحصة الرابعة (تنزل الملائکة و الروح فیها باذن ربهم من کل أمر) ثم یرکع رابعا، ثم یرفع رأسه منتصبا فیقرأ الحصة الخامسة (سلام هی حتی مطلع الفجر) و بعد الرکوع الخامس یهوی الی السجود، فیسجد سجدتین ثم یقوم و یصنع کما صنع فی الرکعة الاولی، و لو شاء قنت قبل الرکوع الخامس من الرکعة الثانیة و بعد إکمال الرکعة الثانیة یتشهد و یسلم.

الذکری الثانیة: اللیلة الخامسة عشر من شهر ذی القعدة هی لیلة مهمة للعبادة. ورد فی روایة من النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم قد ذکرها الشیخ المرحوم عباس القمی ره فی مفاتیح الجنان، مضمونها: إنّ هذه اللیلة ممیزة للعبادة فلو أنّ عبدا عبد الله فی هذه اللیلة ای فی لیلة النصف من شهر ذی القعدة، فیکتب له ثواب مأة سائح.

ستسئلون ما معنی السائح؟ قد جاء فی سورة التوبة: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ

المراد من السائح کل صائم یلازم المسجد دائما و لم یعص الله طرفة عین. قال المرحوم الملکی التبریزی ره فی کتابه المراقبات: ما اعظم الثواب فلا یمکن أن یقارن مع أیّ حکومة او خلافة. و لکن اقول بکل أسف: لو قیل لنا افعل هذا فتعطی مأة دولار او درهم، فنفعله و لو کان فیه مشقة، و لکن فی أمور الآخرة قد یقال لنا افعل هذا فتعطی اجر مأة سائح الذی یصوم و یلازم المسجد و لا یعصی الله طرفة عین. و مع ذلک قد نتهاون. یقول المرحوم الملکی ره: اکثر الناس لا یعرفون قدر هذه اللیلة فلو عبد شخص فی وقت لا یعرف قدره الا قلیل، فدعائه مستجاب و اجره اعظم من الازمان الاخری.

و اما الذکری الثالثة: قد ذکرت فی مولد الامام الرضا علیه السلام أنه کان عمره الشریف خمسة و خمسین سنة. و مدة أمامته علیه السلام کانت عشرین سنة، عشرة سنوات  منها فی زمان هارون و خمسة منها فی زمان أمین و الخمسة الباقیة فی زمان المأمون. استطاع الامام الرضا علیه الصلاة و السلام أن ینشر معارف الاسلام و معالمه فی زمان هارون و أمین، لان هارون قد قتل الامام الکاظم علیه السلام فلم یشأ أن یقتل الامام الرضا علیه السلام لأنه کان یخاف تمرد العلویین فلذا لما قیل له أن الرضا علیه السلام یطرح مباحث الإمامة و الخلافة کأبیه فینبغی أن تضیق علیه. فقال قتل ابیه یکفینا، ترید أن أقتل کل العلویین. نفهم من هذا أن هارون کان یخاف تمرد العلویین و ثورتهم.

قد ورد فی روایة ٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فِي أَيَّامِ هَارُونَ إِنَّکَ قَدْ شَهَرْتَ نَفْسَکَ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ جَلَسْتَ مَجْلِسَ أَبِيکَ وَ سَيْفُ هَارُونَ يُقَطِّرُ الدَّمَ فَقَالَ جَرَّأَنِي عَلَى هَذَا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنْ أَخَذَ أَبُو جَهْلٍ مِن‏ رَأْسِي شَعْرَةً فَاشْهَدُوا أَنِّي لَسْتُ بِنَبِيٍّ وَ أَنَا أَقُولُ لَکُمْ إِنْ أَخَذَ هَارُونُ مِنْ رَأْسِي شَعْرَةً فَاشْهَدُوا أَنِّي لَسْتُ بِإِمَامٍ.

فلذا فی زمان هارون کان للامام الرضا علیه سعة ما فی نشر معالم الدین.

و أما عدم الضیق فی زمان أمین فله علة أخری. أمین و مأمون أخوان، و لکن أم أمین زبیدة فهی أمرأة من بنی العباس، و لکن مأمون فأمه أمة اسمها مراجل  التی کانت اقبح إماء هارون و هارون قد اکره علی زواجها لانه افقد فی القمار من زبیدة و کان رهانها أنه لو افقد فستزوج اقبح الإماء فی القصر. فکان نتیجة ذلک الزواج مأمون.

مأمون لم یکن له أصل فی النسب فبدأ بتحصیل العلم. قال أمیر المؤمنین علیه السلام: سابعهم أعلمهم.  أما أمین فلم یکن له علاقة فی التعلم. کان هارون یقول أنا اعرف أن مأمون أجدر بولایة العهد من أمین و لکن بنی العباس لم یقبلوا فجعل عقد ولایة العهد للأمین أولا و بعده للمأمون.

تبلبل فی خراسان و هارون ذهب من بغداد إلی خراسان لإحتواء التمرد و نجح فی قمع الإضطرابات، و لکنه مرض هناک و مات فدفن فی خراسان. و صار الأمین خلیفة. و بعد أن إعتلی العرش، أخلع المأمون الذی کان بعده ولیا للعهد. أما مأمون تمرد و أنکر خلافة أخیه أمین و فی النتیجة صار حرب بینهما إلی خمسة سنوات. فالامام الرضا علیه السلام اغتنم الفرصة لنشر معالم الاسلام. و بعد خمسة سنوات قتل المأمون أخاه أمین. و بعد ذلک اعتلی العرش. و بعد أن صار المأمون خلیفة، أحضر الامام الرضا علیه السلام إلی مرو. و أکرهه لقبول الخلافة و إنکار الامام علیه السلام اکرهه علی قبول ولایة العهد و کان له عدة أهداف فی عقد ولایة العهد للامام الرضا علیه السلام، أحدها إخماد ثورات العلویین. و من جهة أخری کان المأمون یرید أن یری الناس أنّ الأمام الرضا کان یزهد عن الدنیاء لأنها لم تکن فی قدرته و لکن لما قدمت الدنیاء الیه فقبل، فزهده کان کاذبا و لم یکن فی الحقیقة زاهدا.

و لکن الإمام فهم مکره، لإنّ مکر الشیطان و أولیائه لا ینجح علی مکر الله تعالی و أولیائه. قال الله تعالی: مکروا و مکر الله و الله خیر الماکرین. فالشیطان و مکره لا ینجح علی مکر الله و أولیائه لانّ الله خیر الماکرین. الامام الرضا علیه السلام ورد طوس فی الیوم العاشر من شوال، و لکنه لم  یقبل ولایة العهد، و لکن المأمون أکره الأمام علیه السلام علی قبول ولایة العهد حتی هدده القتل، فبعد الإکراه الشدید من المأمون علی قبول ولایة العهد، و مضیّ مدة تقرب من السنة، قبل الامام عقد ولایة العهد اکراها فی الیوم السابع من شهر رمضان من سنة 201 من الهجرة النبویة، و الامام علیه السلام قد افهم الناس جمیعهم فی مدة الورود إلی قبول ولایة العهد، أنّه لا یرید الخلافة. و بذلک ردّ مکر المأمون إلیه.

ایها الإخوة و الأخوات الأعزاء! الیوم ایضا کذالک الیوم. أولیاء الشیطان یمکرون علی الاسلام و أهله. و لکننا لو اطعنا الله و أولیائه فمکر الشیطان سیردّ إلیه.

اللهم! نور قلوبنا بنور القرآن، و اجعلنا مطیعین للقرآن و عترة نبیک محمد صلی الله علیه و آله و سلم، و عجل فی فرج حجتک المنتظر، و اجعلنا من ناصریه فی زمان غیبته و ظهوره، و اقض حوائجنا، و اجعل الاسلام عزیزا و ذلّ أعداء الاسلام و أهله، و انصر ناصری إمام زماننا لا سیما القائد الشریف السید علی الخامنه ای (دامت برکاته)، و ابعث ثواب هذا المحفل الی روح الامام الراحل و أرواح جمیع المؤمنین و المؤمنات.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ    قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ            (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَکُنْ لَهُ کُفُوًا أَحَدٌ          (4)

و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته.