۱۳۹۳/۱۲/۲   0:8  زيارة:1219     المقالات

بسم الله الرحمن الرحیم
ما المراد من کون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أُمّيّاً؟

 


 

حضرت محمد

 

*لقد ورد مصطلح «الأُمّيّ» وبالأشکال التالية: «أُمّيّ» «أُمّيّون» و «أُمّيّين» ست مرات(٢)في القرآن الکريم، وکان المراد في جميعها معنى واحداً فقط، وذلک المعنى هو الإنسان أو الناس الذين يبقون على الحالة والوضع التي ولدوا عليها، والمقصود من البقاء على الحالة والکيفية السابقة هو أنّهم بالنسبة إلى صفة القراءة والکتابة لم تتغير حالتهم عمّا ولدوا عليه، فکما أنّهم کانوا في الأيام الأُولى لولادتهم غير قادرين على القراءة والکتابة، فکذلک لم يحدث أيُّ تحول في حياتهم من هذه الجهة، وقد أُطلق في اللغة العربية على مثل هذه الحالة (عدم التحوّل والتغيّر) مصطلح «الأُميّة» و على الشخص الذي يتّصف بهذه الحالة مصطلح «الأُمّيّ».

ونحن إذا راجعنا القرآن الکريم نجد أنّه يصفه (صلى الله عليه وآله وسلم) بوصف «الأُمّيّ» ويوضح أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلى حين نزول الوحي عليه کان أُمّيّاً، حيث يقول سبحانه: ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوراةِ وَالإِنّجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْکَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَليْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الّتي کانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَروُهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُون ) .( ٢)ونحن إذا أمعّنا النظر في الآية المبارکة نجد أنّه سبحانه يصف النبي الأکرم بخصال عشر( ٣)، القسم الأعظم منها يدلّ على صدق دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذه الصفات هي:

1. رسول، 2. نبي، 3. أُمّي، 4. مکتوب اسمه في التوراة والإنجيل، 5. منعوت فيهما بأنّه يأمر بالمعروف، 6. وينهى عن المنکر، 7. ويحل لهم الطيّبات، 8. ويحرّم عليهم الخبائث، 9. ويضع عنهم إصرهم،10. ويضع عنهم الأغلال التي کانت عليهم.

وهذه الخصال العشر جميعهاـ باستثناء الأُولى والثانية ـ تدلّ على صحّة وصدق نبوّة النبي الأکرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومن يطالع القرآن الکريم لا يجد أيّ آية تدلّ على حقّانية النبي الأکرم کهذه الآية التي جمعت فيها کلّ تلک الصفات والأدلّة، وکأنّ الآية تريد أن تعرف العالم على أدلّة وبراهين نبوّته (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقول لهم: إنّ دليل نبوّته يتمثل في:

1. انّه (صلى الله عليه وآله وسلم) إنسان أُمّيّ لم يقرأ ولم يکتب، وقد جاء والحال هذه بکتاب يعجز الجميع عن مواجهته ومعارضته ولا يشکّ أحد في عظمة تعاليم وقوانين ومفاهيم ذلک الکتاب ، ولا شکّ أنّه وبحساب الاحتمالات والمحاسبات العقلية يستحيل على إنسان لم يقرأ ولم يکتب وقد عاش في مجتمع جاهلي ومحيط متخلّف أن يأتي ـ و بدون الاستعانة باليد الغيبة ـ بمثل هکذا کتاب عظيم في کلّ جوانبه.

2. انّ هذا النبي قد ذکرت خصائصه وصفاته في الکتب السماوية السابقة کالتوراة والإنجيل، وأنّها مازالت عند أتباعها من اليهود والنصارى وانّه قد بشّر به کلّ من النبي موسى وعيسيعليمها السَّلام، حيث قال سبحانه:

( قُلْ يا أَيُّها النّاسُ إِنّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْکُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْکُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللّه وَرَسُولِه النَّبِيّ الأُمّيّ الَّذِي يُۆْمِنُ بِاللّهِ وَکَلِماتِهِ وَاتَّبَعُوهُ لَعَلَّکمْ تَهْتدُون ) .(٤)

والشاهد على أنّ المقصود من لفظ «الأُميّ» هو الشخص الذي لا يقرأ ولا يکتب الآية التالية:

( وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْکِتابَ إِلاّ أَمانِيَّ وَ إِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ ) .( ٥)

إنّ مجيء جملة «لا يعلمون» بعد کلمة «أُمّيّون» و هذا يعني أنّ قول: ( لا يعلمون الکتاب ) جملة تفسيرية لقوله: ( أُمّيّون ) بمعنى أنّ طائفة من اليهود فاقدة للثقافة وغير قادرة على القراءة والکتابة يجهلون واقع کتابهم الذي أُنزل على نبيّهم وهو التوراة، وکذلک يجهلون محتوى ذلک الکتاب ولا يميزون بين التوراة الحقيقية وبين التوراة المحرّفة ولکونهم «أُمّيّين» تبقى معرفتهم مجرد أُمنية( ٦)لا غير وفي الآية التالية يقول سبحانه:

( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَکْتُبُونَ الْکِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَليلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا کَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وََوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا يَکْسِبُونَ ) .( ٧)

فالإمعان في هاتين الآيتين لا يدع مجالاً للشک والترديد في أنّ معنى الأُمّيّ في الآية ليس هو العاجز عن القراءة والکتابة واللغة السامية حيث إنّ القرآن الکريم يقسّم اليهود إلى طائفتين:

1. الطائفة الأُولى هي التي لا تقرأ ولا تکتب ولا تعرف عن التوراة شيئاً.

2. وأمّا الطائفة الثانية فهي الطائفة التي تجيد القراءة والکتابة ولکنّها تستغل ذلک لتحقيق مآربها وأهدافها السيّئة والمشۆومة حيث تسعى لنشر التوراة المحرّفة بين الناس وبصورة واسعة جدّاً لکي يتسنّى لهم من خلال هذا الطريق جمع أکبر مقدار ممکن من الثروة والمال، ولو کانت الطائفة الأُولى تُجيد القراءة والکتابة لما وقعت لقمة سائغة وفريسة سهلة لهذه الطائفة الماکرة والمخادعة ولأمکنها تمييز الصحيح من الخطأ والحق من الباطل.

المصادر:

* سيد المرسلين : الشيخ جعفر السبحاني

[1] . انظر الأعراف:157ـ 158; البقرة:78; و آل عمران:20ـ 75; الجمعة: 2.

[2] . الأعراف: 152.

[3] . لقد أوصل الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب:4/309تلک الصفات الموجودة في الآية إلى تسع صفات والحال أنّنا إذا اعتبرنا « الإصر » و « الأغلال » صفتين متغايرتين فحينئذ يکون عدد الصفات عشر صفات.

[4] . الأعراف: 158.

[5] . البقرة: 78.

[6] . انّ المراد من الأماني هنا هي الخيالات والتوهّمات الواهية التي يحملها اليهود من قبيل کونهم شعب اللّه المختار.

[7] . البقرة: 79.


انتهای پیام