۱۳۹۳/۱۱/۱۷   2:38  زيارة:1739     المقالات

بسم الله الرحمن الرحیم
لماذا وقعت الثورة الإسلامية وکيف انتصرت؟

 


کانت ثورتنا نهضة جماهيرية کبرى ضد حکومة اتصفت تقريباً بکل ما قد تتصف به حکومة سيّئة من سلبيات؛ اذ کانت فاسدة، وعميلة، وفرضت على الشعب بانقلاب عسکري، وکان ينقصها التدبير والکفاءة. وسأقدّم في ما يلي شرحاً لکل واحدة من الخصائص الأربعة التي ذکرتها آنفاً.
کانت الحکومة السابقة فاسدة مالياً وأخلاقياً، ويکفي من فسادها المالي ان الشاه نفسه وأسرته کانت لهم يد في أغلب الصفقات الاقتصادية الضخمة للبلد، وکان هو وإخوته وأخواته من الذين جمعوا اکثر الثروات، وکان رضا خان قد جمع خلال فترة حکمه البغيض الذي امتد على مدى ستّ أو سبع عشرة سنة اموالاً طائلة. ولا بأس ان تعلموا ان بعض مدن البلاد ـ کما تشير الوثائق والمستندات ـ کان ملکاً صرفاً لرضا خان؛ فمدينة فريمان على سبيل المثال کانت برّمتها ملکاً خاصاً لرضا خان! وکانت أفضل الأملاک وأخصب الاراضي في هذا البلد ملکاً له؛ حيث کان له ولع شديد بمثل هذه الاملاک وبالمجوهرات. في حين کان لأولاده مشارب أکثر شمولاً؛ إذ کانوا يرغبون في اية ثروة کانت ويستحوذون على کل ما تطاله أيديهم، وأوضح دليل على ذلک انهم حينما خرجوا من البلد کانت ثرواتهم في المصارف الاجنبية تقدر بمليارات الدولارات. ولعلکم تعلمون اننا حاولنا من بعد الثورة استرجاع اموال الشاه، ولکن کان من الطبيعي جداً ان لا يُلبى طلبنا. کان مجموع اموال هذه الأسرة يقدر حينذاک بعشرات المليارات من الدولارات. واتجه کل واحد من اعضاء تلک الاسرة نحو دولة معيّنة وصاروا من کبار الاغنياء هناک. ومن الطبيعي انهم لم يحصلوا على تلک الاموال بکدّهم ولا بعرق جبينهم، وانما استحوذوا عليها بأساليب غير مشروعة. فکيف کانت اذن طبيعة نظام غارق في مثل هذا الفساد المالي وکيف کان يتعامل مع ابناء الشعب.
اما فسادهم الأخلاقي فقد کان معروفاً من خلال عصابات التهريب التي کانت تمارس نشاطها بإمرة إخوة الشاه وأخواته، وکانت هناک فضائح أخلاقية وجنسية يندى لذکرها الجبين. وقد نشر في ما بعد بعض أفراد الحاشية والمقربون من تلک الاسرة شيئاً من تلک الفضائح في ما کتبوه من مذکّرات.
کان الفساد الاداري مستشرياً في کل الارجاء؛ ولم تکن الکفاءة تراعى عند اختيار المدراء والمسؤولين، وکل ما کان يؤخذ بنظر الاعتبار في مثل هذه الشؤون هو علاقاتهم الشخصية وتوجهات الاجهزة الجاسوسية والأمنية الأجنبية.
لاحظوا اذن مدى سوء الحکومة التي کانت تأخذ الرشاوى، وتکتنز الثروات، وتتعامل بالتهريب وتخون الشعب. ولو شاء المرء تدوين کل هذه الامور بأدلّتها وشواهدها لاستلزم ذلک مجلدات ضخمة.
وکانت القطيعة بينهم وبين أبناء الشعب سبباً لعمالتهم للأجانب واستنادهم اليهم للحفاظ على سلطتهم؛ فمن الحقائق التاريخية المسلّم بها هي ان الانجليز هم الذين جاؤوا برضا خان الى السلطة، وهم الذين ثبتوا محمد رضا على رأس الحکم. ومن بعد عهد مصدق خطف الامريکيون زمام الامور من الانجليز ودبّروا تلک المؤامرة وتسلطوا على شؤون البلاد وأصبح هنالک عشرات الآلاف من المستشارين الامريکيين في اهم المراکز العسکرية والأمنية والاقتصادية والسياسية، ويشغلون مواقع حساسة ويحصلون على اموال طائلة؛ وکانوا في الحقيقة هم الذين يسيّرون شؤون البلاد ويوجهونها حسب ما يشاؤون. وکان الامريکيون والاسرائيليون هم الذين أسسوا الجهاز الأمني في إيران.
وعلى الصعيد السياسي کانت الحکومة خاضعة لتوجيهات الانجليز، في حين خضعت في الآونة الاخيرة لتوجيهات الامريکيين. وکانت سياستها على الصعيد الاقليمي والعالمي، بل وحتى في المجالات الاقتصادية ـ من قبيل اسعار النفط وکيفية بيعه، والکيفية التي يجب ان تکون عليها اوضاع شرکات النفط الاجنبية في إيران ـ قائمة على تنفيذ ما يُملى عليها. وکانت طبعاً تأخذ مصالحها الخاصة بنظر الاعتبار. ولم تکن تلک التضحيات من اجل الأجانب أنفسهم، وإنما لغرض الحفاظ على حکومتهم. ولهذا فسحوا المجال للأجانب وبسطوا أيديهم تماماً للتطاول على البلد وعلى الشعب، واعتمدوا عليهم في کل شيء.
هذا فضلاً عن ان تلک الحکومة جاءت بواسطة انقلاب عسکري وفرضت على الشعب فرضاً؛ فقد جاء کل من رضا خان، ومحمد رضا الى السلطة عبر انقلاب عسکري. ومن الواضح ان الحکومة التي تفرض على الشعب من خلال انقلاب عسکري لا تحترم آراء الشعب ولا معتقداته ولا إرادته، ولم تکن ثّمة صلة حميمة بين الحکومة والشعب؛ بل کانت العلاقة عدائية، علاقة أسياد وعبيد؛ لأن النظام کان ملکياً، وهذا هو معنى الملکية؛ أي انها کانت حکومة مطلقة لا تقيّد بشيء أمام الشعب. وهکذا حکمت الأسرة البهلوية بلدنا على مدى خمسين سنة.
وأخيراً کانت تلک الحکومة لا تملک الکفاءة؛ فکل مواطن في هذا الدولة يعلم تماماً ـ وخاصة انتم الشباب ـ اننا يجب ان نبذل جهوداً لسنوات طويلة حتّى نتمکن من بلوغ المکانة اللائقة بنا في الحقول العلمية والصناعية والتقنية، والتقدم في ميادين البحوث والدراسات. وهذا التخلف الذي نعيشه ناجم عن حکم استمر خمسين سنة لنظام غير کفوء لم يستثمر طاقات هذا الشعب، ولا الامکانات الهائلة في هذا البلد. وأنتم اليوم تلاحظون الطاقات العلمية المتفجرة لدى شبابنا في المسابقات العلمية العالمية، بينما لم يکن يُعتنى بهذه الطاقات ولم تستثمر في تلک الآونة، وانما تُستعمل في اطار رغباتهم ومآربهم الخاصّة، ولهذا هاجر الکثير من اصحاب الطاقات والکفاءات، بينما بقي الکثير منهم، ولکن بدون ان تزدهر طاقاتهم وکفاءاتهم أو ان ينتفع منها في عمل ما.
لقد ترکوا وراءهم بلداً مدمّراً تماماً. وفي مرحلة ما بعد الحرب کان اکبر همّنا يترکّز على بناء ما دمّرته الحرب، ولکننا وجدنا الدمار الذي خلّفته الحرب يقل کثيراً عمّا خلّفته الأسرة البهلوية من دمار طوال سنوات حکمها على هذا الشعب.
وفي عام 1341 [1962م] عندما ارتفعت صيحة الامام اخذت حيّزها في القلوب وتفجّر غضب الجماهير؛ اذ کان البعض قد ألف الاوضاع حينذاک، بينما اثارت سخط الکثيرين من أبناء الشعب. واعلموا ان الامام حينما رفع صوته لم يکن حينها مرجع تقليد معروفاً؛ فعلى الرغم مما کان له من وجاهة وشهرة ومکانة مرموقة في قم بين العلماء والاکابر والفضلاء وطلبة الحوزة العلمية، إلا انه لم يکن معروفاً لدى عموم أبناء الشعب، ولکن بما ان تلک الصيحة کانت صيحة حق وکانت منطلقة من إرادة الجماهير وقائمة على أسس الدين، فقد دوّت أصداؤها في کل الأرجاء تلقائياً وتداولتها الألسن وتناقلتها الأيدي وانتشرت في کل مکان وغرست حب الامام في القلوب. فالإمام الخميني الذي لم يکن يتمتع بتلک الشهرة في عام 1341 [1962م]، أضحت له مکانه في القلوب في خرداد عام 1342 [حزيران 1963م] الى درجة دفعت بالشعب الى النهوض ضد الحکومة في الحادثة المعروفة بحادثة الخامس عشر من خرداد، التي أسفر عنها مقتل الآلاف من الاشخاص في سبيل الامام. وقد جاء هذا کله اثر أحقية تلک الصيحة.
لقد بين الامام للشعب تعاليم الإسلام ومعنى الحکومة ومعنى الشخصية الإنسانية، وشرح له طبيعة ما يجري عليه وکيف ينبغي ان تکون حياته؛ وهي حقائق لم يکن الآخرون يجرؤون على التصريح بها، إلا انه صرّح بها جهاراً لا همساً ولا على شکل منشورات ولا بأساليب سرية وخلايا تنظيمية کما تفعل الاحزاب عند طرح الامور لکوادرها، لقد اتبع الامام الخميني اسلوب الجرأة والصراحة في بيان الحقائق للناس، ولهذا لبّى أبناء الشعب نداءه.
لقد مرّت خمس عشرة سنة عصيبة منذ ان بدأ الامام نهضته الى حين انتصار الثورة؛ وخلال تلک الفترة فهم تلاميذ الامام وأنصاره وأصدقاؤه وعموم أبناء الشعب عمق ومضمون رسالة الامام، فتداولوها ونشروها بين مختلف الاوساط والشرائح الاجتماعية. وأدى تداولها وتدارسها والثبات عليها الى خلق مشاکل جمّة لأولئک الناس؛ فاستشهد الآلاف منهم، وطال التعذيب أضعاف ذلک العدد.
لقد کان عهداً عصيباً حّقاً، حتى ان البعض لم يشعر بالطمأنينة والراحة في بيته حتّى ليلة واحدة، ولم يخرج من بيته يوماً وهو آمن من أنه لن يصيبه في ذلک اليوم مکروه. وکان الامام يقود تلک المسيرة بعزم وحکمة وشجاعة طوال تلک المدّة، الى ان تعاظمت في السنة الاخيرة الامواج الجماهيرية الهادرة؛وحيثما نزل أبناء الشعب الى الساحة بدوافع إلهية ودينية وبعيداً عن المطامع المادية، لا يمکن لأية قوّة ان تقف بوجههم، أو کما قال الامام انهم لم يستطيعوا بکل ما لديهم من معدّات وتجهيزات الوقوف بوجه شعبنا الاعزل. وهکذا وقعت هذه الثورة وانتصرت.

کلمة سماحته عند لقائه نخبة من الشباب الإيراني، 17/10/1419
انتهای پیام