۱۳۹۳/۸/۲۳   1:49  زيارة:1105     المقالات

بسم الله الرحمن الرحیم
التربية الصالحة.. هل تنتج أبناء صالحين؟

 




ثقة الأهل بأولادهم قد لا تکون في مکانها دائماً
هل من الخطأ أن نضع ثقتنا کاملة في أبنائنا، فنتنفس الصعداء، ونطوي الصفحة، ونحمد الله أننا کبرنا وربّينا وأنهينا دورنا والباقي عليهم؟ أم أنّ علينا أن نغمض عيناً ونفتح أخرى تحسباً لاحتمالات قد لا تکون في الحسبان؟
هل ثقتنا بأبنائنا في محلها؟ سوال يستحق التوقف والتأمل لا الإسراع والحماسة في صياغة الإجابة عنه. ذلک أنّ الثقة، تلک الکلمة التي کثيراً ما يتغنى أولياء الأمور بها، قد تکون في واقعها مجرد وهم يضحک به الأهل على أنفسهم، أو يضحک به الأبناء على الأهل. وفي الحالتين، وبغض النظر عمن يضحک على الآخر، لابدّ أن نعترف بأنّ الطرفين سيدفعان الثمن معاً..
ندم ولکن:
کانت تنام قريرة العين، مرتاحة البال، هانئة، لا هم ولا غم، فابنها الذي بلغ الثامنة عشرة، حصل على الثانوية العامة، وانتسب إلى جامعة أجنبية، لتتفرغ أخيراً لنفسها وحياتها التي کانت وعلى مدار السنوات الماضية تدور حول فلکه. إلا أنّ مريم عاشت تجربة "الثقة في غير مکانها"، وها هي تروي مأساتها باختصار، تقول: "وليد هو ابني الوحيد، ربيته على الغالي، وکبرته "کلّ شبر بندر"، وحين رأيت جناحيه تکبران، فتحت له القفص ليطير خارجاً". لکن، هل أجاد وليد الطيران؟
تجيب بحسرة وغصة: "في الحقيقة، وقع على رأسه ووقعنا معه". تضيف: "في الوقت الذي کان يکسر القواعد التي ربيناه عليها قاعدة وراء قاعدة، ويرمي بالدروس التي تعلمها من نافذة البيت الذي استأجره له أبوه في لندن، کنت أنا أضع يديّ وقدمي في مياه باردة". لم تشک مريم يوماً في أنّ وليد قد يخذلها، ذلک أنّ ثقتها العمياء کانت بتربيتها له قبل أن تکون به، فابنها "مربّى" کما اعتادت أن تقول لکلِّ من يلومها على إرسال ابن الـ17 عاماً إلى الخارج، معللة موقفها بأنّ ابنها "يعرف الصح من الخطأ". کما اعتادت أن تجيب عن کلِّ من أتاها لاحقاً ومعه خبر سيئ عنه، بالقول إنّ ابنها "أبن أصول" لا يمکن له أن يرتکب ما يرتکبه أولاد الشوارع، وغيرها من المرافعات التي بدأت مريم تتخذها بعد عام من سفر ابنها.
وماذا بعد؟ تجيب مريم: "لا شيء أکثر من أنّ ابني وقع في حبال امرأة تکبره سناً، فترک الجامعة بعد أن أوهمنا لعامين أنّه الطالب النجيب، لنلحق به بغية ترميم ما يمکن ترميمه، ولکن الجواب الذي استقبلنا به کان صادماً: "حياتي وأنا حر بها".
أنام مفتوحة العينين:
"ليست التربية منهاجاً مدرسياً يبدأ بالصف الأوّل الابتدائي وينتهي عند الحصول على الثانوية" بحسب ما تقول سائدة الدقاق (موظفة وأم)، لافتة إلى "أنّها مشوار يبدأ من أوّل يوم يخرج فيه الطفل إلى الحياة". وتضيف: "لهذا، لا يمکن أن يبعد الأهل أياديهم عن تربية أبنائهم لمجرد أنهم کبروا، أو دخلوا الجامعة، أو حتى اشتغلوا، علماً بأنّ من حقِّ الأبناء التزود بقواعد السلوک، ومن واجب الأهل مدهم بتلک القواعد". ولکن "الأقسى" کما تقول سائدة: "هو أنّ سلوک الأبناء ليس نتاجاً شخصياً يلخص طريقة أهلهم في التربية، ذلک أنهم في النهاية مثل الإسفنجة التي تمتص سلوکيات وصفات الآخرين، والله أعلم من يکون هولاء الآخرون".
هذا الإدراک لتأثير الغير في الأبناء، هو الذي دفع سائدة منذ سنوات لمغادرة أستراليا والعودة إلى أبوظبي لتحول دون حدوث تلک التأثيرات، فهي کانت "مدرکة"، کما تقول، "لعجزها عن ضبط ما يحصل بعيداً عن عين الرقيب. لهذا، اتخذت الخطوة الدفاعية الأولى والتي تتلخص في إبعاد أبنائها عن التربة التي قد تفسد تربيتها وتبدد تعبها بتلک التربية". وهل تضعين اليوم يديک في مياه باردة في ما يخص تربيتهم؟ تجيب: "الأم الحکيمة هي التي لا تضع علامة 10 من 10 على شيء يتعلق بأمور أبنائها، لهذا، أنام وعيناي مفتوحتان حتى أحميهم من شر الحياة ومن شر أنفسهم".
استحالة:
"من هو الرجل المغفل الذي سيضع يديه في مياه باردة وعنده أولاد؟" بهذا السوال يعلق عماد رزق (مدير إدارة وأب) على الموضوع. فـ"الإشراف"، کما يقول، "هو الدور الذي لا تنتهي صلاحيته في علاقتنا مع أبنائنا، إنّه مثل الضوء الذي يتدحرجون من دونه، ومثل العصا التي يتکئون عليها ولو کان عمرهم خمسين عاماً". ويضيف: "لهذا، حرام أن نغفل عن أبنائنا إذا کنا بحقِّ نحرص على حمايتهم". ويتابع: "حين نتأمل الحياة من حولنا، نبدأ بتسخيف الأمور العظيمة التي کانت تثير غضبتنا وخوفنا". ويواصل عماد الحديث عن أخطاء الأهل الذين يرفعون راية "أولادنا على خلق"، فيقول: "کثيراً ما صدم آباء بأبناء سلموهم مفاتيح الثقة وقالوا لهم: هيا، أنتم أولياء أنفسکم". ويضيف: "حرام أن نعرض الأولاد لتجارب أکبر من طاقتهم، ونضع على عاتقهم حملاً يصعب التعامل معه لأنّهم وصلوا إلى الـ18 مثلاً، فسن الرشد مطلوبة حين نتحدث عن حضور فيلم، أو دخول سينما، ولکن في علاقة الأهل بأبنائهم، لا يوجد ذلک المصطلح على الإطلاق"، موکداً "أنّ الأبناء يبقون تحت وصاية آبائهم وأمهاتهم حتى ولو حملوا شهادات جامعية أطول منهم"، لافتاً إلى أنّ "ما يفعله الشباب اليوم من انحرافات خارج المسار التربوي، ليس سوى تأکيد على خطأ الأهل الکبير المتمثل في "ترک الحبل على الغارب".
الرقابة من بعيد:
وبما أنّ "الثقة المطلقة في أحيان کثيرة قد تکون الوجه الآخر للتسيب المطلق". لهذا، يقف محمّد صوراني (أستاذ مساعد جامعي، وأب) في صف أولياء الأمور الرافضين لتسليم الثقة والجلوس بعيداً عن أداء الأبناء، فيقول: "إنّ التعامل مع مسألة الثقة حساس ودقيق ويتطلب الکثير من الانتباه، خاصة أنّه يقود إلى ثقة الأبناء بأنفسهم". ويضيف: "لهذا، علينا کآباء أن نريهم مقدار ثقتنا بهم وبقدرتهم على التعامل الشخصي مع مشاکلهم"، مشيراً إلى "ضرورة الوقوف قرب الأبناء، شرط ألا يلحظونا، لنراقب ونتدخل في الوقت المناسب".
الحلقة الأضعف:
بدوره، يضحک بلال سعد (موظف وأب) على کلام الأهل على ثقتهم بأبنائهم، معتبراً إياه "مزحة أو نکتة يصدقها الأهل من کثرة تکرارها". ويقول ساخراً: "کثيراً ما يکون الآباء هم الحلقة الأضعف في علاقتهم مع أبنائهم، فتجري المياه من تحتهم في الوقت الذي يتغنون فيه بتربيتهم التي تستحق في رأيهم الوسام الذهبي"، مشيراً إلى أنّه "من غير الممکن التسليم بأنّ التربية الصالحة تقود إلى أبناء صالحين، فالتربية في البيت ليست ضماناً موبداً أو تحصيناً صالحاً في کلِّ زمان ومکان، إنها مسألة تتغير بتغير المکان والزمان والمعطيات". وبالحديث عن المعطيات، يوکد بلال "أنّ الثقة بمفهومها التقليدي، لم تعد موجودة أو مطبقة، فأن يثق الأهل بما زرعوه في أبنائهم مسألة تختلف عن ثقتهم بما تم زرعه من جهات أخرى، فالعالم اليوم المسمى "قرية صغيرة" بات ضيقاً وسريع التأثير في أبنائنا، لهذا قد ننجح نحن ولکنهم قد يفشلون في الحفاظ على زرعنا".
معايير مختلفة:
"إذا کنا في صدد توجيه اللوم إلى الأهل لأنّهم ترکوا مفاتيح القيادة للأبناء بعد عمر النضج، فالأجدر أن نلومهم إن أصروا على الإمساک بالمقود واعتبار أبنائهم دون السن القانونية"، بهذا الرأي، يقدم جون حنود (مدير مالي وأب) رأيه في ما يخص مسألة الثقة وتلاعب الأبناء بها، فيقول: "لست مع الانسحاب المطلق من حياة أبنائنا، ولکني أيضاً مع ترکهم يواجهون أخطاءهم بمفردهم، فليس خطأ أن يقعوا ويتعلموا کيف ينهضوا ويسيروا من جديد". ويضيف: "إنّ تعاطيهم مع الحياة يجب أن يکون في منأى عنّا، خاصة ونحن نتحدث عن سن مسوولية نوعاً ما"، ويشير جون هنا إلى "ضرورة تحليل العوامل التي تدفع بالأبناء إلى خذل ثقة أهلهم"، لافتاً إلى أنّ "المعايير التي قد يضعها أولياء الأمور، قد تکون محدودة ولا تتماشى مع عقلية وقناعات جيل الشباب، فيضطرون إلى المشي عکس التيار لا من باب قلة الاحترام أو خيانة الثقة، بل من باب القناعة والعمل بها".
نشفق على الأهل:
في المقابل، وإذا کان بعض أولياء الأمور نائمين في العسل، فماذا عن الأبناء وموقفهم مما يحدث في المشهد التربوي الحاصل هذه الأيام؟
"الشعور بالشفقة هو کلّ ما أملکه تجاه الأهل". بهذا تقدم وفاء خليفة (موظفة) رأيها في الموضوع، وتقول وفاء، التي ترکت تونس للعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة: "لا يمکن أن نرى اليوم بنات يعملن خارج أوطانهنّ وبيوتهنّ ما لم يحصلن على إذن خروج من أولياء الأمور". وهذا الإذن حسب تعبيرها، "لا يأتي من فراغ، بل من ثقة مطلقة تتضمن اعترافاً ضمنياً يقول: أنتِ حرة اعملي ما تجدينه مناسباً".
وتضيف: "لکن السوال يقول: ما الذي تعمله في الغالب هولاء الفتيات؟". والجواب أيضاً يأتي على لسان وفاء التي تختصر إجابتها بکلمة: "العجائب". وهذه العجائب من وجهة نظرها تبدأ من الکذب الصغير لتصل إلى مرحلة الکذب الکبير، الأمر الذي يثير شفقتها على الأهل وهي ترصد عن قرب ما الذي تفعله فتيات هذه الأيام، معتمدة في کلامها على بعض الأمثلة التي تتعلق بالثقة المهزلة کما تسميها، فتقول: "انطلاقاً من مقولة: "کلٌّ يعرف ماذا يزرع"، قد يسمح الأهل لابنتهم بالسفر خارج الوطن، وبقضاء الـ"ويک إند" مع صديقاتها بعيداً عن البيت، وبتبرير غياب الابن عن البيت بحجة أنّه کبير ولا يريد رقيباً، وغير ذلک من السلوکيات التي لا تهز شعرة في رأس الأهل، باعتبار أنّ أولادهم أبعد ما يکونون عن ارتکاب الخطأ". وفي ما إذا کان الأبناء يشعرون بأسف تجاه ما يقومون به من خذل لتلک الثقة، تجيب وفاء بما يردده معظم الشباب بينهم وبين أصحابهم: "مساکين أهلنا شو قلبهم طيب".
احتراف:
لأنّ المشاهدات کثيرة من حولها، توکد مارلين رزق (موظفة)، "أنّ ثقة المقبلين على الزواج بأبنائهم معدومة حتى من قبل إنجابهم لهم". والسبب کما تورده "يتعلق بما يحصل بين الأبناء وأهلهم، فالأُم سعيدة بابنتها التي تعبت على تربيتها، والابنة سعيدة بجهل أمها وعجزها عن التوصل إلى حقيقة ماذا تفعله، وبين الاثنتين تتحول ثقة الأهل المطلقة إلى عنوان يصلح لمسرحية هزلية". وعمن يخون الثقة أکثر الابن أم الابنة، تعتقد مارلين "أنّ الفتاة محترفة کذب"، حيث إنّ "الحاجة هي أم الاختراع". وتقول: "بما أنها مضطرة إلى الکذب أکثر من الشاب، فنجدها الأکثر خيانة لثقة أهلها، وخاصة أمها التي تضحک عليها ببعض کلمات".
الوقاية خير من العلاج:
الخوف يتکرر، "وأخذ الحيطة واجب" کما تقول ميس اللمداني (متزوجة وأم). "فما يحدث بين جيل الأبناء يفوق التصور". و"المصيبة أنّ الأهل "نائمون في العسل"، فالابن قد يتفوق على أبيه في نسبة الذکاء، والبنت صارت قادرة على وضع أمها "في جيبها الصغير"، وفوق کلّ هذا، تجلس الأُم مثلاً وتقول متفاخرة: "أضع ابنتي مع مئة رجل ولا أخاف عليها". ميس، التي لم تزل "تحت وصاية أهلها" کما تقول، توکد أنّ "إشراف الأهل على أبنائهم ضروري من الولادة حتى الممات". فالأهل "أعلم" حسب تعبيرها "بالحياة ومفاجأتها". لهذا، "من غير الممکن فک الحبل عن حرية الأبناء وترکهم يواجهون امتحانات الحياة الأخلاقية والسلوکية من دون رقيب" بحسب ما تقول.
وشهد شاهد من أهلهم:
بکلمتين اثنتين، تقول سوسن جمشيل: "اللّهمّ جيرنا" من هذا الجيل. وحين تقول سوسن "هذا الجيل" نجدها تضحک، فهي منه، ولکنها لا تشبه "ثلاثة أرباع بناته" على حد تعبيرها، فـ"الثقة اليوم موجودة في البنات". ولکن أين المقابل؟ تسأل وفي حوزتها الجواب، مشيرة إلى أنّ "خطأ الأهل، يکمن في اعتقادهم بأنّ الثقة التي يمنحونها لأبنائهم، هي مفتاح حسن سلوکهم، متناسين أنّ سقف الثقة کلما زاد سيعلو معه سقف المخالفات التي يسجلها الأبناء في محضر حياتهم اليومية". تلک المخالفات التي تتحدث عنها سوسن تتمثل، حسب قولها، في الوسائل المتاحة للأبناء لکسر الثقة، ومنها: "فيسبوک". وتشير سوسن إلى أنّ "ثقة الأهل تکون في مکانها حين يقولون إنّ ابنتهم في غرفتها، لم تبرحها. ولکن ماذا تفعل الابنة في تلک الغرفة؟ سوال لا يخطر في بال أمها أو أبيها، فهي ضمن جدران البيت، ولکن في يدها، الـ"لابتوب" والـ"بلاک بيري" والـ"مسنجر" المفتوح على کلِّ الاحتمالات، وغيرها من وسائل "هز الثقة" التي لا يتورع هذا الجيل عن استعمالها ضاربين بثقة أهلهم عرض الحائط".
الغرس ثمّ الانتباه:
وفي الحقيقة إنّه قبل أن نتحدث عن ثقة الأهل في أبنائهم، يجب أن نعرف أوّلاً ما هو تعريف الثقة؟ يقول أستاذ التربية في "جامعة الحصن" الدکتور محمّد سعيد: "إنّ الثقة هي الائتمان والإحکام کما (العروة الوثقى)، والثقة في سياق التربية تأتي بمعنى ائتمان الأبناء على تصرفاتهم وسلوکياتهم"، مشيراً إلى "ضرورة إحکام تربيتهم وغرس القيم فيهم قبل أن نقول إنّهم أهل ثقة". وعما إذا کانت هناک مرحلة عمرية توجب على الأهل وضع أيديهم "في مياه باردة" في ما يخص ثقتهم بأبنائهم، يوکد الدکتور سعيد "أنّ نظرية أنّ "ابننا لا يرتکب الخطأ" هي نظرية وهمية، خاصة حين ننظر إلى المسافة الکبيرة التي تفصل بين معطيات الحياة التي يعيشها وبين عقلية الأهل البعيدة عن الملامح العامة لسلوکياته". ويضيف: "مع ذلک، لابدّ من التشديد على ضرورة ترک مساحة من الثقة عند الأبناء بعد إحکام التربية واختبار القيم، فعملية الغرس يجب أن تتبعها عملية الثقة في سلوک الأبناء، وافتراض الإيجاب أنهم سيصدقون في أقوالهم". ماذا في ما لو خالف الأبناء المتوقع؟ يقول د. سعيد إنّه يجب عندها "إعادة الرعاية وتعهد القيمة حتى تتعزز، ثمّ إعادة الاختبار من جديد".
العوامل الخارجية:
ولما کان من غير الممکن الفصل بين تربية البيت والموثرات التي تأتي من خارجه وتلعب دورها في سلوک الأبناء، يوکد الدکتور محمّد سعيد "أنّ تلک التأثيرات تأتي في مرحلة المراهقة، حيث يتأثر المراهق بشکل کبير بالأصدقاء وزملاء الدراسة، بل وفي کثير من الأحيان بالأبطال والمشاهير من الفنانين والرياضيين وغيرهم". ويتابع: "هذا مما لا شکّ فيه يوثر في سلوک الأبناء إما سلباً أو إيجاباً، إضافة إلى وسائل الإعلام والفضائيات وما تبثه من قيم تترک أثرها لا محالة على سلوک الأبناء، وما يوسف له أنها في کثير من الأحيان تکون سلبية تخالف قيم الثقافة العربية والإسلامية". ورداً على السوال المتعلق بموقف الأهل بعد اکتشافهم أنّ ثقتهم بأولادهم هي في المکان غير المناسب، يقول الدکتور سعيد: "لا يمکن لوم الأهل في ظل التحديات التي تواجهها الأسر، وفي ظل التغييرات العالمية والثورة التکنولوجية التي جعلتهم يواجهون بمعطيات تختلف تماماً عن معطيات الماضي".
منافذ في التربية:
التحذير من ترک حبل الثقة للأبناء يعني بالضرورة إغفال مسألة ثقة الأبناء بأنفسهم، وضرورة تعزيزها مهما کنا ملاصقين لهم. في هذا السياق يقول استشاري الطب النفسي الدکتور حسين عليّ العطية: "يجب أن نربي أبناءنا على الشعور بالثقة والطمأنينة لأفکارهم وتصرفاتهم وطريقة التعبير عنها، سواء في حضورنا أم غيابنا، ليتطابق السلوک مع المتوقع الذي نحمله تجاههم". ومع ذلک، يوکد الدکتور عطية "أهمية أن نفتح عيناً ونغلق أخرى ونحن معهم"، لافتاً إلى أنّ "الثقة العمياء بأبنائنا لمجرد أنهم نضجوا، هي مسألة غاية في الخطورة". ويضيف: "لهذا، يجب أن تکون محفوفة بالحذر والوعي وبفتح أذهاننا على کلِّ الاحتمالات"، مشدداً على "ضرورة عدم إصابتنا بالغرور لأننا "خير من ربى" کما نعتقد، فالتربية مهما کانت کاملة تبقى قابلة للمنافذ والمفاجآت" حسب تعبيره. ويجد الدکتور العطية من ناحية أخرى "أنّ مصادر الاحتکاک بالعالم کثيرة، فالنت لم يعد ملتصقاً بمکان، إنّه في حقائب بناتنا وأبنائنا، الأمر الذي يزيد من الإغراءات والتحديات التي قد توقعهم في الخطأ وهم على مقربة منا". وفي سياق آخر، يعتقد الدکتور العطية أنّه "کلما عرف واقترب الأهل من خصوصيات أبنائهم، اختفى عنصر المفاجأة في مسألة اکتشاف وجود الثقة في غير مکانها". فهناک، کما يقول، "علامات وإشارات تتعلق بالتصرفات الخطأ التي ستأتي لاحقاً والتي ستثبت أنّ أکبر خطأ نرتکبه هو في عدم الأخذ بتلک العلامات حين نلتقطها".


انتهای پیام