۱۳۹۲/۷/۸   15:26  زيارة:950     الاخبار


يوم دحو الارض

 




يوم دحو الارض

في التقويم الإسلاميّ ـ أيّها الأصدقاء ـ يحمل اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة الحرام عنوان: يوم دَحْو الأرض، لمشهد من مشاهد الخَلْق العظيمة، وواقعة جليلة في بديق الخلق الإلهيّ، وهي مذکورة في الکتاب العزيز في آيتين:
الاُولى: والأرضَ بعدَ ذلک دَحاها .
(1)
الثانية: والأرضِ وما طَحاها . (2)
و الآن.. مع هذا العنوان القرآنيّ ( دَحْو الأرض ) من خلال أربع نوافذ:
النافذة الأولى: تُطلّ على حقل اللغة، نقرأ في هذا الحقل:
دَحَوتُ الشيءَ دحْواً: بَسَطتُه.
وقيل: دحاه بمعنى أزاله عن مقرّه، أو جرَفه، أو رمى به بقهر.
أمّا طحا فبمعنى: بسط فوسع، والطحا: المنبسط من الأرض، والطاحي الممتدّ، وقيل أيضاً: الطَّحْو کالدَّحْو، وهو بسط الشيء والذَّهاب به.
(3)
النافذة الثانية: تُشرف على آفاق التفسير، يقول المفسّرون: «والأرض بعدَ ذلک دحاها أي بَسَطها ومَدَّها بعد ما بنى السماء ورفع سَمْکها وسوّاها، وأغطَشَ ليلَها وأخرَج ضُحاها. وقيل: المعنى يکون هکذا: والأرضَ ـ مع ذلک ـ دحاها، وذکرَ بعضهم أنّ الدحو بمعنى الدَّحرَجة.
أمّا الطَّحْو في قوله تعالى: والأرضِ وما طحاها فهو الدَّحو، وهو البَسط، و «ما» وصولة، فيکون المعنى والذي «طحاها». أي الذي طحا الأرض هو الله جلّت قدرته. وقد استخدمت الآيتان «ما» بدل «مَن» لإيثار الإبهام المفيد للتفخيم والتعجيب فيکون المعنى: واُقسم بالأرض والقويّ العجيب الذي بَسَطها.
النافذة الثالثة: نتعرّف من خلالها على ما ورد في روايات أهل البيت النبوّة، وهي جملة وافرة جاءت في ظلّ آية دَحو الأرض، منها:
في خطبة للإمام عليّ عليه السلام قال فيها:
«کبَسَ الأرضَ على مَوْر أمواجٍ مُستَفحِلة، ولُججِ بحارٍ زاخرة، تَلتطمُ أواذِيُّ أمواجِها، وتَصطفِقُ مُتَقاذِفاتُ أثباجِها، وتَرغو زبَداً کالفُحول عند هِياجها، فخَضعَ جِماحُ الماء المتلاطم لثِقَل حملها، وسکنَ هَيْجُ ارتمائه إذا وطِئتْه بکَلْکَلِها، وذلّ مُسْتخذِياً إذ تمعّکت عليه بکواهلِها، فأصبح بعد اصطخاب أمواجه، ساجياً مقهوراً، وفي حَکَمة الذُّلّ منقاداً أسيراً، وسکنت الأرض مَدْحُوّةً في لُجّة تيارِه...»
(4)
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام قوله: لمّا أراد الله تعالى أن يخلق الأرض، أمرَ الرياح فضرَبنَ وجهَ الماء حتّى صار موجاً، ثمّ أزبَد فصار زبداً واحداً، فجمعَه في موضعِ البيت ثمّ جعله جبلاً عن زبَد، ثمّ دحا الأرض مِن تحته، وهو قول الله تعالى: إنّ أوّل بيتٍ وُضِعَ للناسِ لَلّذي ببکّةَ مُبارکاً .
وفي رواية أخرى ذکر البيت العتيق قائلاً: إنّ الله خلقه قبل الأرض، ثمّ خلق الأرضَ مِن بعده فدحاها مِن تحته.
(5)
وجاء عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قوله: إنّ الله تعالى دحا الأرض مِن تحت الکعبة إلى مِنى، ثمّ دحاها مِن مِنى إلى عَرَفات، ثمّ دحاها من عَرَفات إلى مِنى. فالأرض من عرفات، وعرفات من منى، ومنى من الکعبة. (6)
وضمن بيانه لعلل الأحکام والشرائع وبعض أسرار الحجّ وفضائله.. قال الإمام عليّ بن موسى الرضا صلوات الله عليه: وعلّة وضع البيت (أي الکعبة المشرّفة) وسطَ الأرض؛ أنّه الموضع الذي مِن تحته دُحيت الأرض... وهي أوّل بقعةٍ وُضعت في الأرض؛ لأنّها الوسط، ليکون الغرض لأهل الشرق والغرب في ذلک سواء. (7)
النافذة الرابعة: تُفتح على آفاق من العمل الصالح، نقرأ منها:
1. الليلة الخامسة والعشرون من ذي القعدة ليلة دَحو الأرض، وهي ليلة شريفة تنزل فيها رحمة الله تعالى. وللقيام بالعبادة فيها أجر جزيل. روي عن الأمام الرضا عليه السلام قوله: ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة وُلد فيها إبراهيم عليه السلام، وولد فيها عيسى بن مريم عليه السلام، وفيها دُحيت الارض من تحت الکعبة. فمَن صام ذلک اليوم کان کمن صام ستّين شهراً.
(8)
2. اليوم الخامس والعشرون ـ يوم دحو الأرض، وهو أحد الأيّام الأربعة التي خُصّت بالصيام بين أيّام السنة. وفي بعض الروايات يُذکر أنّ صيامه يعدل صيام سبعين سنة، إذ هو کفّارة لذنوب سبعين سنة. عن الصَّيقل قال: خرج علينا الإمام أبو الحسن (الرضا) عليه السلام بـ «مَرُو» في يوم خمسٍ وعشرين من ذي القعدة فقال: صوموا، فإنّي أصبحت صائماً. قلنا: جُعِلنا فداک، أيّ يوم هو؟! قال: يوم نُشرت فيه الرحمة، ودُحيت فيه الأرض، ونُصبت فيه الکعبة، وهبط فيه آدم عليه السلام. (9)
3. وفي بعض الأخبار: من صام هذا اليوم وقام ليلته فله عبادة مئة سنة، ويستغفر لمن صامه کلُّ شيء بين السماء والأرض. فعن أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ أوّل رحمة نزلت من السماء إلى الأرض في خمس وعشرين من ذي القعدة، فمن صام ذلک اليوم وقام تلک الليلة فله عبادة مئة سنة صام نهارها وقام ليلها. وأيّما جماعة اجتمعت في ذلک اليوم في ذِکر ربّهم عزّوجلّ لم يتفرّقوا حتّى يُعطَوا سُؤلهم، وينزل في ذلک اليوم ألف ألف رحمة، يوضع منها تسع وتسعون في حَلق الذاکرين والصائمين في ذلک اليوم والقائمين في تلک الليلة.
4. ويُستحبّ الغُسل في يوم دحو الأرض، فضلاً عن الصيام والعبادة وذِکر الله تبارک وتعالى.
5. وإلى ذلک هنالک عملان:
الأول: صلاة مرويّة، وهي رکعتان تُصلّى عند الضحى بـ «الحمد» مرّة و«الشمس» خمس مرّات، ويقول المصلّي بعد التسليم: لا حول و لا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.

الثاني: دعاء يُستحبّ قراءته في هذا اليوم، وهو:

(10)


6. ذکرت بعض کتب أعمال الشهور في بيان يوم دحو الأرض وأعماله، أنّ زيارة الإمام الرضا عليه السلام في هذا اليوم من أفضل الأعمال المستحبّة، ومن آکدِ الآداب المسنونة.